أكد أنَّ مهرجان الشارقة القرائي للطفل أحرز نجاحًا لافتًا في دورته الحالية رغم "كورونا"

رئيس هيئة الشارقة للكتاب في حوار خاص مع "الرؤية": حريصون على تعزيز التعاون الثقافي مع السلطنة

◄ نبحث تنظيم فعاليات تابعة لمهرجان الشارقة القرائي للأطفال في عُمان

◄ "السوشال ميديا" تساعد في الترويج للثقافة العربية إذا ما أحسنّا توظيفها

◄ الزعم بأن الطفل العربي لا يقرأ "أكذوبة كبرى".. وثقافة النشء تتجه نحو الغرب أكثر

◄ النشر الإلكتروني لا يمثل سوى 10% حول العالم.. و"المطبوع" ما زال يحتفظ ببريقه

 

أجرت الحوار من الشارقة: مدرين المكتومية

أكد سعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب أن مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته الثانية عشرة نجح في تحقيق الأهداف المرسومة، لافتاً إلى أنَّ أرقام وإحصائيات الزوار تبرهن هذا النجاح، وتؤكد مدى الجهد المبذول من أجل أن تخرج هذه التظاهرة الثقافية في صورة مشرفة، ليس للشارقة وحسب ولكن للثقافة العربية عامة.

LOL_6941.jpg
 

وقال العامري- في حوار خاص مع جريدة الرؤية- إن إدارة المهرجان عمدت هذا العام إلى التركيز على نقطة جوهرية تتمثل في استهداف الكيف وليس الكم، حيث لم يركز القائمون على أمر المهرجان فقط على عدد الفعاليات بقدر الاهتمام الكبير بنوعيتها. وأضاف أن المهرجان اعتاد في كل عام تنفيذ ما يقارب 2500 فعالية، غير أن دورة العام الجاري تتضمن 537 فعالية، لكنها تتميز بالتفرد والنوعية.

وأضاف العامري- في الحوار الذي أجرته "الرؤية" من داخل أروقة المهرجان في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة- أن الفعاليات التي شهدها- وما زال- المهرجان نجحت في بلوغ الغايات المنشودة، واستطاعت الوصول إلى الأطفال واليافعين المستهدفين من هذا الحدث الكبير، علاوة على تضمين فعاليات أخرى تستهدف الأسر من خلال التركيز على المنظومة التعليمية ككل. وشدد العامري على أن المهرجان يحظى يومياً بتقييم مميز للغاية، فضلاً عن كثافة الإقبال في ظل الإجراءات الاحترازية، مشيرا إلى أنه رغم جائحة كورونا إلا أن المهرجان يستقبل في كل ساعة 2000 شخص. وأوضح أن الإحصائية النهائية بأعداد الزوار سيتم نشرها مع إسدال الستار على الفعاليات.

 

وإلى نص الحوار....

◄◄ هل يمكن القول إنَّ مهرجان الشارقة القرائي تحول إلى تظاهرة ثقافية دولية ينافس المهرجانات في باريس وألمانيا والولايات المتحدة؟

بالنسبة لي يُمكن القول هذا عن معرض الكتاب، وأعني هنا معرض الشارقة الدولي للكتاب؛ حيث إنه واحد من أهم 3 معارض على مستوى العالم، لكن مهرجان الشارقة القرائي للطفل يستهدف شريحة خاصة من المجتمع، حيث إنَّ المعرض مخصص لرسوم كتب الأطفال، وهو واحد من أهم 3 معارض رسوم كتب أطفال على مستوى العالم، حيث يأتي في المركز الأول معرض بولونيا ثم معرض كوريا وثالثهما مهرجان الشارقة، حتى إن المشاركين معنا من 35 دولة حول العالم، من المكسيك ومن أمريكا وإيطاليا ومن كل مكان، وهذه المشاركات تدل على قوة المهرجان وتأثيره على مستوى العالم في الرسم لكتب الأطفال. وفي المقابل نظمنا دورات تدريبية على أعلى مستوى للارتقاء برسامي كتب الأطفال في دولة الإمارات، لكوننا سنكون ضيف الشرف على معرض بولونيا للكتاب في العام المقبل.

 

◄◄ رغم "كورونا" والوضع العالمي المتأزم، إلا أن إدارة المهرجان حرصت على تنظيمه.. ما أبرز التحديات التي واجهتكم وكيف تغلبتم عليها؟

أكبر تحدٍ واجهنا أثناء التنظيم تمثل في المشاركات من بعض الدول الأجنبية مثل المملكة المتحدة، في ظل حالة الإغلاق والحجر الصحي على المملكة المتحدة، حيث لم يتمكن عدد من المشاركين الإنجليز من الحضور، وتحولوا إلى المشاركة عبر العالم الافتراضي، وذلك بسبب الإجراءات التي تتغير كل يوم في المطارات والتي تعد من أكبر الإشكاليات التي تواجهنا على الإطلاق. أما في عموم الأمر فإننا في دولة الإمارات نتخذ الإجراءات الاحترازية، ومع وجود هذه الإجراءات نحن أول من نظم معرضا تجاريا على مستوى العالم في نوفمبر الماضي، بعد معرض الشارقة الدولي للكتاب، وكان أول معرض دولي تجاري يُعقد على مستوى العالم بعد الجائحة كان معرض الشارقة الدولي للكتاب.

 

◄◄ هل لدى إدارة المهرجان خطة متوسطة أو طويلة المدى لمستقبل هذا الحدث الثقافي البارز؟!

نفكر في الفترة المُقبلة بنقل فعاليات المهرجان إلى عدة دول، لكن التوجه حاليًا أن ننقل الفعاليات إلى دول الجوار، مثل السلطنة أو أي دول أخرى مختلفة، بحيث ننفذ فعاليات ومناشط للمهرجان خارج إطار المهرجان، بغية الوصول لأكبر شريحة ممكنة يمكن الوصول إليها حول العالم، من أجل تفعيل دور الطفل في القراءة والكتابة.

 

◄◄ برأيكم.. هل أثرت السوشال ميديا والتقنيات الحديثة على إقبال الصغار والنشء على القراءة والاطلاع؟

بل على النقيض من ذلك، اعتقد أنها ساعدت على نشر ثقافة القراءة، فنحن في المهرجان عملنا على استغلال كافة الوسائل المتاحة عن طريق وسائل التواصل المتعددة لجذب الأطفال إلى المهرجان، حيث لدينا في المهرجان ركن مخصص لتدريب الأطفال على برمجيات الكمبيوتر من لغة "بايثون" والتي تستخدم في برمجيات صناعة الألعاب الإلكترونية.

ونعمل على تعليم الأطفال الكيفية التي من خلالها يقومون باستخدام هذه اللغة وتوظفيها في الإبداع، سواء في الإخراج أو التصوير والسينما والكتابة والإبداع والإذاعة، وأؤكد لكم أننا لم نترك مجالا من مجالات الحياة إلا وطرقناه للاستفادة منه، ومن الجدير ذكره في هذا السياق أننا نفذنا ورش عمل تساعد الطالب على العودة لمدرسته ومقابلة أصدقائه بعد فترة الحجر الصحي التي زادت على السنة ونصف السنة؛ حيث قمنا بتنظيم برامج نفسية للأطفال في هذا الصدد.

 

◄◄ ما الحل المناسب لمواجهة مشكلات القراءة لدى الصغار مثل عسر القراءة ومصاعب الهجاء وغيرها من معوقات تنمية القراءة لديهم؟

ننظم العديد من ورش العمل والمناشط الخاصة بعملية تبسيط النحو ومصطلحات اللغة العربية وغيرها من المواضيع، كما إننا في إمارة الشارقة لدينا "مجمع اللغة العربية"، والذي نجح في إعداد أول معجم جديد معاصر، لكن بالطبع هناك إشكاليات أخرى تصادف الجيل الحالي، وتتمثل في عزوفه عن القراءة باللغة العربية، والاتجاه نحو القراءة باللغة الإنجليزية، وذلك بسبب التعليم الذي أصبح باللغة الإنجليزية، وهي إشكالية نسعى جاهدين لإصلاحها وتقويمها، لكن لا يمكن لمهرجان الشارقة القرائي القيام بذلك بمفرده، فالأمر يتطلب مشاركة وتكاتف العديد من الجهات، كي نصل إلى النتائج المرجوة.

وفي هذا الشأن، نعكف كذلك على تطوير برامج تستهدف التشجيع على القراءة، فضلاً عن تنظيم المسابقات المختلفة، مثل مسابقة فارس الشعر، التي تستهدف تطوير ملكة قرض الشعر عند الأطفال، أيضاً نفذنا أكثر من فعالية لتعزيز دور القراءة في المجتمع الإماراتي وعلى مستوى الوطن العربي، إضافة إلى تنظيم محاضرات وترجمتها في حالة إذا كان الضيف غير عربي، ونستهدف تنظيم العديد من الفعاليات لتعزيز استخدام اللغة العربية، وإعادة أبنائنا إلى لغتهم الأم لغة الضاد.

 

◄◄ كيف تقيمون مهرجان الشارقة القرائي للأطفال وهو يحتفل بتنظيم دورته الثانية عشرة هذا العام؟

بعد مرور هذه السنوات من عمر المهرجان، نتذكر كيف أنه كان بمثابة بذرة غرسناها في تربة الثقافة العربية قبل 12 عامًا، واليوم نحن نجني ثمار هذه البذرة الأولى، من خلال الإقبال الكبير الذي يحظى به المهرجان عاما تلو الآخر، وتأصيله من خلال فعاليات المسرح والبرامج وحتى الفنانين الذين نستقطبهم من كل أنحاء العالم لإيصال رسالتنا، والتأكيد على أهمية اللغة العربية، خاصة وأنها لغة غنية بأكثر من 12 مليون و300 ألف كلمة، كما إنها لغة القرآن الكريم؛ إذ لا توجد لغة أخرى في العالم لديها هذا العدد من المُفردات.

لذلك نحن نحاول بقدر المستطاع غرس بذرة القراءة في نفوس الأطفال الزائرين للمهرجان، لكن أيضاً أدعو كل الأسر أن تقوم بدورها خاصة وأن هناك مسؤولية أكبر تقع على عاتقهم لتأسيس النشء.

 

◄◄ هل عدد الإصدارات العربية السنوية يتناسب وتاريخ وحجم الثقافة العربية؟

إجابة هذا السؤال من وجهة نظر شخصية "صعبة"؛ لأن هناك أمورا عدة تغيرت بعد الجائحة، خاصة وأن صناعة النشر مرت بأزمة، ويمكن القول إنَّ تلك الأزمة كانت سابقة لأزمة كورونا، فقد كان يُقال سابقا: "مصر تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ"، وكانت هناك كتابات وكتب على امتداد الوطن العربي، لكن لا يوجد ناشرين، وجاءت كورونا لتوجه ضربة قاضية إلى صناعة النشر، فالكثير من دور النشر أغلقت أبوابها حول العالم، وهناك أيضاً الكثير من المكتبات أغلقت أبوابها، والإشكالية تتمثل في الكيفية التي يمكن من خلالها جعل القراءة جزءًا من المجتمعات وجزءًا من تفاصيل حياتنا.

لكني أؤكد أن الأمم لا ترتقي إلا بالقراءة، ونحن لا نقول إن الأطفال العرب لا يقرأون فهذه معلومة خاطئة، حيث إنَّ هناك معلومة مغلوطة متداولة منذ عدة سنوات تقول إن الطفل العربي لا يقرأ سوى 12 دقيقة في السنة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، لكن نقول إن سبب عزوف الأطفال عن القراءة شخصيات معينة تجذبهم في وسائل أخرى، مثل الرسوم المتحركة، والشخصيات الأجنبية (الأبطال الخارقين مثلا)، حيث إنَّ ثقافتهم متجهة نحو ذلك العالم.

وهنا أودُ أن أشير إلى نقطة بالغة الأهمية وهي أن صناعة النشر الإلكتروني حول العالم لا تمثل سوى 10% فقط، ولذلك الحديث عن أن الكتاب الرقمي أزاح المطبوع غير صحيح وغير دقيق.

 

◄◄ أين الخلل في المحتوى الثقافي والإبداعي العربي، هل هو ضعف الإبداع أم النزعة نحو الإنتاج التجاري لجني الأرباح؟

أعتقد أن الأمر غير مرتبط بكلا النقطتين؛ حيث إن الإبداع ما زال موجودا، ما دام الخيال خصباً ومنتجاً، لكن ثمة إشكالية في تسويق الكتاب والمنشورات بشكل عام، لأننا نعاني من إشكالية في تسويق المحتوى والترويج له، وهناك نقاط مفقودة فيما يتعلق بالكيفية التي يمكن من خلالها الترويج لمحتوى الكتاب، والترويج للفكرة، حيث إننا لا نعاني من أزمة إبداع بقدر ما ينقصنا طريق الترويج لذلك الإبداع، فالعالم العربي يزخر بالمبدعين، وهناك مئات الملايين من القراء العرب يقرأون بدرجات متفاوتة، كما إن الإبداع لا يجب حصره في الكتابة وحسب، بل هناك إبداع في شتى مجالات الثقافة مثل المسرح، وكتابة الرواية والقصة، والفن التشكيلي، والنقد الأدبي، وغيره الكثير.. لدينا أيضاً المخترعون والمهندسون والأطباء في كل مكان حول العالم.

 

◄◄ ما دور هيئة الشارقة للكتاب في دعم الكاتب العربي؟

بشكل عام نحن دائمًا نقدم الدعم للكاتب العربي من خلال تطوير طريقة الطرح أو المنتج الثقافي الإبداعي، ولدينا الآن مجموعة من المشاريع المستقبلية التي سيتم الإعلان عنها قريبًا، وكلها تصب في طريقة الارتقاء بالكاتب العربي ونشر الكتاب دون الحاجة إلى ناشر، والتفاصيل ستكون متاحة في قادم الوقت.

 

◄◄ هل من تعاون بين الهيئة وكتاب عُمانيين في الوقت الراهن أو مستقبلا؟

في الوقت الراهن، نظمنا أكثر من ندوة في معرض مسقط الدولي للكتاب بين كتاب عُمانيين وإماراتيين، وهناك علاقات تعاون ثقافي دائمة مع السلطنة، ونعتزم في معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته المقبلة تعزيز حجم التعاون.

تعليق عبر الفيس بوك