◄ السلطنة تنعم بكنز دفين من التنوع الأحيائي.. ونسعى لاستدامة الموارد وتطويرها اقتصاديا
◄ استثمار 10 آلاف ريال في الأفكار الفائزة من "ماراثون منافع"..
◄ فتح باب التسجيل في "ماراثون منافع" خلال الأسبوع الأول من يونيو
◄ 1.1 تريليون دولار قيمة 50% من الصناعات الدوائية عالميا من الموارد الوراثية
◄ 142.7 تريليون دولار قيمة السلع والخدمات المنتجة من البيئة الطبيعية سنويًا
◄ كتاب "استراتيجية الحفاظ على النباتات" يعرض ما يزيد عن 1000 نوع
الرؤية- مدرين المكتومية
كشف المُهندس عبدالله بن هلال البلوشي اختصاصي الرصد وجمع البيانات بمركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية "موارد" أنَّ المركز يملك قاعدتي بيانات رقميتين تضمان 28808 سجلات لأكثر من 7211 نوعا نباتيا وحيوانيا وبحريا وكائنا دقيقا.
وقال إن منصتي قواعد البيانات هما: منصة معلومات الموارد الوراثية النباتية(GRIP) ؛ وهي منصة لحفظ وإدارة المعلومات والمواد الوراثية للنباتات العمانية، وتحتوي على 10433 سجلا لحوالي 1400 نوع نباتي في السلطنة، إضافة إلى منصة بيانات التنوع الأحيائي العُمانية(OBIP) ؛ وهي منصة لحفظ وإدارة المعلومات والموارد الوراثية للحيوانات والأحياء البحرية وللكائنات الحية الدقيقة، وتحتوي على 4554 سجلا لحوالي 2090 نوعا من الموارد الحيوانية و11173 سجلاً لحوالي 2903 أنواع لأحياء بحرية و2648 سجلا لحوالي 818 نوع كائن حي دقيقًا.
وأضاف البلوشي أن المركز يسعى في شتى مجالاته للعمل على تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040 التي تتمثل أولوياتها في البحث العلمي وتمكين القدرات الوطنية، والموارد الطبيعية والاستدامة البيئية، مشيرا إلى أنه من هنا انبثق مصطلح "موارد" مقرونًا بالرمز الحالي ليكون هويته الجديدة وإرث الأجيال القادمة، ويقوم "موارد" بدور في تعزيز الاستفادة من موارد السلطنة الطبيعية الحية من خلال توسيع العمل فيما أنجزه عبر السنوات الماضية، بداية من إنشاء قواعد بيانات للموارد الوراثية المتنوعة، وإنشاء بنك الجينات، مرورا بابتكار منتجات غير تقليدية، وتوفير فرص عمل من خلال برنامج (منافع)، إضافة إلى توعية المُجتمع بأهمية الموارد الوراثية، وإنجاز مشاريعه بما يتماشى مع أهداف رؤية "عُمان 2040".
وأوضح البلوشي أن "موارد" قام بطرح تطبيق إلكتروني تحت مسمى "تجميع" بهدف إشراك المجتمع المحلي في توثيق الكائنات الحية المتواجدة في البيئة العمانية من خلال توفير الصور والمعلومات عنها وبالتالي مع الوقت سيكون التطبيق أحد الوسائل الترويجية والتعليمية لمكنونات البيئة العمانية. حيث يتواجد التطبيق حالياً على منصتي التشغيل IOS وجوجل بلاي، ويحتوي على عدد 1000 صورة مع البيانات للكائنات الحية العُمانية.
تنوع أحيائي
وذكر البلوشي أنَّ السلطنة تتميز بتنوع أحيائي كبير في مختلف أنواع الموارد الوراثية سواء أكانت نباتية أو حيوانية أو بحرية، مشيراً إلى أنَّ دور المركز يتمثل في الاستخدام المستدام لهذه الموارد بأفضل الطرق الممكنة وتحويلها إلى قيمة يمكن الاستفادة منها وتطويرها في منظومة اقتصادية تساهم في تنويع مصادر الدخل للسلطنة، خاصة وأن عُمان تنعم بكنز دفين من التنوع الأحيائي نتيجة للظروف المناخية المتنوعة وحجمها وجغرافيتها، والذي تنعكس وفرته على المستوى الوراثي، وتغطي هذه المجموعة الفريدة من الموارد الوراثية العالمين الحيواني والنباتي بالكامل سواء المستأنس أو البري، وكذلك العالم البحري، وعالم الكائنات الحية الدقيقة. وشدد على أنَّ الحفاظ على التنوع الأحيائي ليس غاية في حد ذاته، إذ لابُد من الحفظ المقنن للموارد الوراثية بما يضمن استمرارية الإنتاج على هذا الكوكب ورفاهيته حتى تستطيع الأجيال الحالية والمقبلة مواجهة تحديات الأمراض والآفات والظروف البيئية الجديدة والمتغيرة، وذلك سوف يمكّن البشرية من تحقيق التنوع الغذائي ويسمح للمنتجين بالتكيف مع الطلب في الأسواق المتعددة.
وأوضح أن قيمة الموارد الوراثية الاجتماعية والاقتصادية تبرز من واقع التنوع الأحيائي من النباتات والحيوانات بجانبها من الفطريات والسرخسيات حتى الأميبيات والرخويات كأحد أهم الموارد على الأرض لتدعم بشكل مباشر صحة الإنسان والمجتمع والاقتصاد، وللموارد الوراثية المحلية قيمة اجتماعية وثقافية وتاريخية كبيرة. وأشار البلوشي إلى أهمية الحفاظ على الموارد الوراثية واستغلالها من الممارسات القديمة التي بدأتها الأجيال التي سبقتنا منذ زمن بعيد، وكان المزارعون ينتقون ويحفظون بذور النباتات لأجل زراعتها مستقبلا، كما كانوا يستأنسون الحيوانات البرية ويربونها لتلبية احتياجاتهم، ونتيجة لذلك تم استئناس واستزراع مئات مختلفة من الأنواع على مر السنين.
إحصائيات وأرقام
وذكر البلوشي أن النظام البيئي يوفر مجموعة واسعة من السلع والخدمات والاحتياجات الضرورية في حياتنا اليومية مثل الحبوب والفاكهة وكذلك المياه العذبة النقية التي نشربها، فكل هذه الموارد الموجودة في الطبيعة تخدم احتياجاتنا اليومية ومع كل ذلك، فإن بعضنا لا يدرك القيمة الاقتصادية الكبيرة لهذه الموارد الوراثية، حيث قُدرت القيمة السنوية للسلع والخدمات التي يتم إنتاجها من البيئة الطبيعية بمبلغ 142.7 تريليون دولار أمريكي- أي أكثر بكثير من قيمة ما ينتجه البشر كل عام، ووفقاً لتقرير اقتصاديات النظم البيئية والتنوع الأحيائي، تقدر القيمة السنوية للصناعات الزراعية التي تنتج بواسطة تلقيح الحشرات في جميع أنحاء العالم بمبلغ 190 مليار دولار أمريكي، في حين أن 20% إلى 50% من قيمة الصناعات الدوائية المنتجة سنويا من الموارد الوراثية تبلغ قيمتها 1.1 تريليون دولار أمريكي.
وبيّن البلوشي أن جهود استدامة الموارد الوراثية العمانية جاءت استجابة للأوامر السامية خلال فترة حكم السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- لدراسة وتقييم الفرص المتاحة في قطاع الموارد الوراثية الحيوانية والنباتية؛ حيث أُنشئ مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية تحت مظلة مجلس البحث العلمي (سابقا) في عام 2012، ويعمل المركز مع عدد من الشركاء وأصحاب المصلحة على ثمانية وعشرين برنامجاً تأسيسياً وتكميلياً تم وضعها على أساس تحقيق أهداف المركز. وأوضح أن هذه البرامج تتضمن: البحث، وجمع وحفظ البيانات، والتوعية وإشراك المجتمع، كما يساهم المركز بضمان مشاركة الخبراء العمانيين في الشبكات والمبادرات العلمية المتعلقة بالموارد الوراثية؛ كالمؤتمرات وورش وحلقات العمل والدورات التدريبية إقليمياً ودولياً، وتمثيل مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية من خلال الأنشطة والتي تتضمن التوعية المدرسية، وإقامة المعارض، وورش العمل، والمقاهي العلمية.
جهد وطني متكامل
ولخص البلوشي رؤية المركز في: تطوير مركز الموارد الوراثية الحيوانية والنباتية ليكون مركزًا تعاونيًا يضم جميع أنشطة الموارد الوراثية الحيوانية والنباتية، مما يعمل على تعزيز الاستخدام المستدام للمعرفة في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك الارتقاء بالبحوث والابتكار العلمي للمستويات العالمية.
وأشار البلوشي في ذات السياق إلى أن برنامج "منافع" بمثابة تحدٍ سنوي ينظمه "موارد" للعمانيين والمقيمين على أرض السلطنة، ويستهدف الباحثين والمبرمجين والمبدعين والمسوقين لطرح وتطوير أفكارهم التجارية المبتكرة القائمة على التنوع الأحيائي والموارد الوراثية وتحويلها إلى مشاريع تجارية حقيقية ترى النور وتترجم على أرض الواقع. وقال إن البرنامج يبدأ بورشة تحضيرية يليها ماراثون أفكار لمدة 48 ساعة يتم فيها العصف الذهني للأفكار مع عدد من الموجهين المختصين في مجلات متنوعة ومن ثمَّ تعرض الفرق أفكارها أمام لجنة تحكيم مختصة. وتابع قائلاً إنَّ الفرق الفائزة تنتقل إلى مرحلة تطوير المنتج الأولي في الحاضنة العلمية، وفي حال نجاحها في ذلك يتم ضمها لمسرّعة أعمال لدخول المنتجات إلى السوق.
وأوضح البلوشي أن الدورات السابقة للبرنامج خلال الفترة من 2018 إلى 2020 شهدت استقبال 370 طلبَ تسجيل في البرنامج، وجرى قبول 133 تسجيلا منها لخوض غمار البرنامج، وفاز 12 فريقا بمنحة البرنامج بواقع 4 فرق لكل دورة، لافتا إلى ان معظم هذه الفرق في الحاضنة العلمية و2 منها نجحت في تسويق منتجاتها في السوق المحلي. وأضاف أنه خلال العام الجاري 2021 سيُفتح باب التسجيل في البرنامج خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو المقبل، وسيكون البرنامج هذا العام هو الأكبر؛ حيث سيتم استثمار حوالي 10 آلاف ريال في الأفكار الفائزة من خلال توفير الحاضنة العلمية ومسرعة الاعمال المتخصصة.
مطبوعات متخصصة
وذكر البلوشي أن المركز أصدر "ثلاثية" من المطبوعات المتخصصة في التنوع الأحيائي في السلطنة، وتتناول 3 موضوعات مختلفة؛ حيث أنتج مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية أول كتاب من هذه الكتب الثلاثة تحت عنوان "استراتيجية الحفاظ على النباتات ذات الأهمية الاجتماعية والاقتصادية لسلطنة عمان" وذلك بالتعاون مع حديقة النباتات العمانية، ومتحف التاريخ الطبيعي، وكلية العلوم البيولوجية بالمملكة المتحدة. وبين أن الكتب تعرض قائمة كاملة من الأنواع النباتية المحلية لسلطنة عُمان التي يزيد عددها عن 1000 نوع.
وبين المهندس عبدالله البلوشي أن المركز ينفذ عددًا من المناشط منها "المقهى العلمي"؛ وهو عبارة عن جلسات غير رسمية تقام في الأربعاء الأخير من كل شهر، يتم خلالها استضافة عدد من المختصين والمهتمين ورواد الأعمال في جانب الموارد الوراثية للتحاور حول المواضيع التي تهم جانب الحفظ والاستغلال بصورة غير رسمية، ويتراوح عدد الحضور في فعالية المقهى العلمي بين 30 إلى 40 شخصاً من أكاديميين ومختصين ومهتمين بشكل عام.
