الإصرار

 

نوال الغسانية

حين نعتزم الوصول إلى القمة، لابد من الإصرار والاجتهاد والبذل والمثابرة، فكل الذين اعتلوا القمم لم يصلوها دون كل ذلك؛ فلا تبنى العزائم من فراغ ولا تقوم دون أساس.

كل شخص في هذه الحياة يتمنى لنفسه العيش الرغد المقرون بالأفراح والمسرات، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يحصل عليه، ولا يوجد هناك ما يسمى مستحيل، ففي هذه الدنيا مجالات كثيرة ومتعددة وعلينا كأشخاص الاختيار الأنسب لنا في تحقيق الذات وإثبات الوجود.

فماهي الأدوار الذي يتطلب منا القيام بها من أجل تحقيق المراد والوصول إلى مبتغانا ومانطمح إليه؟

الدور الأساسي هو صقل الذات، وتدريبها على الاستعداد والتحلي بالإرادة والصبر على تحمل الصعاب، فمساعينا كثيرة وطموحاتنا أوسع وأبلغ، فلماذا التمني ما دامت العقول حاضرة ومستنيرة! فإن أردنا الوصول فالاجتهاد مفروض علينا لامحالة. نحنُ مؤمنون بالأقدار ولايحق لنا الاعتراض ولكن رب العباد قال: اسعوا ياعبادي وأنا معكم.

بعض البشر أقوالهم كثيرة وأفعالهم قليلة، أنا سأفعل وأنا سأقوم بالمهمة الفلانية وأنا وأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا، وما أكثرها في مجتمعاتنا، فأي شخص فينا لديه من الفصاحة والبلاغة والقدرة على الفعل، فليعمل بصمت ويثبت ما هو قادر على فعله في الواقع؛ مايجب علينا تبنيه هو المصداقية في أعمالنا وأفعالنا، في أي شيء أردناه أو نوينا القيام به. وإن كنَّا جادين فلا نتردد فيما عزمنا على فعله، فالبلاغة ليست في الكلام فحسب، وإنما ما يصدره العقل وتجسده الوقائع، فلنكن واقعيين ولنعش الحقائق ونتقبلها كيفما كانت. فما من دابة على الأرض إلا خلقت لتكون.

دعونا نشبه الحياة بالبساتين ونقطف من كل بستان زهرة لتكون الحياة وردية، فهل سيكون ويتحقق كل مانتمناه؟ بالطبع لا ولكن علينا أن لا نقنط من رحمة الله، ونسعى ولا نكرر الخطأ ونستبشر من الله خيرا، فلا يأس مع الحياة مادام هناك رب رحيم.

رحمة الله واسعة فإن لم يعطنا اليوم فحتما سيعطينا في الغد إن ساعدنا أنفسنا واجتهدنا لنحصل على مبتغانا، ماعلينا فعله أن نُكثر من الدعاء وأن نُردد ونُكرر على ألسنتنا الاستغفار والحوقلة، وأن ندعي لأحبابنا ومن حولنا بالبركة والهداية والخير، فإن دعوت لغيرك بأن يعطيه فرزقك الله بدعوة دون احتساب، فما أجملها من عبارة : حب لأخيك كما تحب لنفسك.

فالدنيا مسارح وكل لاعب عليها يدخل عالم المنافسة وينتظر معجبيه ليرى نفسه بأنه وصل وحقق كثيراً مما يتوقعه من الأمنيات، فما من صعوبة تصعب على المجتهدين وإن اختلفت العقليات ومستوى الذكاء.

فإن كان لديك طموح فلا شيء يصعب عليك، كن واثقا من نفسك وأعمل لنفسك اعتبارا بأنك قادر وابنِ أمنياتك على الإصرار لتبلغ مرادك،، فالمساعي مثل المراكب مرة تخيب ومرة تصيب، ولكن لابد من وجود مرسى لها.

إن حياة الشخص تتعلق بإصراره وطموحه للوصول إلى عالي القمم.. فكونوا على بينة لن نحقق ما نريد وأفكارنا مشلولة وأيدينا مكتوفة.

تعليق عبر الفيس بوك