يوم الجائزة

 

علي بن حمد المسلمي

Aha.1970@hotmail.com

 

فرض الصيام في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، ويقصد بالصوم لغةً، الإمساك، وشرعاً: الامتناع عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات في وقت مخصوص وشروط مخصوصة، قال تعالى "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ".

   وللصيام فوائد جمَّة، روحية، تضفي على النفس راحة وبهجة وطمأنينة تجعل النفس تهفو لخالقها في صفاء ونقاء راضية مرضية" فادخُلي في عبادي وادخُلي جنتي" واجتماعية يجعل المجتمع يسوده الوئام والمحبة والسلام بين أفراده،  الغني يعطي  الفقير من حر ماله  والمسكين ينظر نظرة تقدير إلى الموسر لسده لعوزه وفاقته وحاجته، واليتيم يوقر المعيل وبذلك تسود الألفة بين مختلف مشاربه،  وصحية ينقي الجسم من  الشوائب العالقة به وخاصة المعدة والأمعاء" المعدة بيت الداء وهي أصل الدواء".

   إن الناظر لهذه الفوائد العظيمة لشهر الصوم؛ ليدرك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى؛ حيث يقول "صُومُوا تَصِحُّوا"، وقد أثبت العلم حديثاً أن الصوم مفيد في العلاج وكثير من الأطباء يستخدمونه في ذلك  عندما يطالبون المريض بالكف عن الأكل والشرب برهة لإجراء بعض الفحوصات الطبية، حيث قال ماك فادون من علماء الصحة الأمريكيين: "إن كل إنسان يحتاج إلى الصوم".

   وللصوم فضائل كثيرة؛ لكونه فرضاً، والتقرب إلى الله بالفرض أعلى منزلة من التقرب إليه بالنوافل، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون".

 والصيام جُنّة : أي ستر ووقاية من النَّار،  وقد اختصه الله سبحانه وتعالى بنزول القرآن الكريم وفيه ليلة خير من ألف شهر "  شهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ "  وفيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران وتُصّفد الشياطين، فإذا صام الفرد وقام  إيماناً واحتساباً؛ ترتب على ذلك  تكفير الذنوب واستجابة  الدعاء والشفاعة يوم الحشر والدخول من باب الريان  "إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ".  فهنيئاً لمن قام وصام فإن له فرحتان.

   الأولى عند فطره والثانية عند لقاء ربه، فالفرحة الأولى، هي يوم الفطر، يوم الجائزة، خُتم بها شهر الصيام، ليُفتتح بها الأشهر العِظام(أشهر الحج) وقد سُن فيها الخروج للصلاة وقبلها تأدية الزكاة، طهرة للصائم من الرفث والفسوق، يخرجها الغني للفقير، صاع من طعام، طهرة للأبدان.

ويشبه هذا الخروج من البيوت إلى المصلى؛ الخروج إلى القبور أو يوم النشور "يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوث". وفي هذا اليوم، يفرح الإنسان عند لقاء ربه الفرحة الثانية، يتبوأ من الجنة حيث يشاء، في روح وريحان بين وصائف وولدان وخيرات حسان؛ فيا حظ من فاز بالفرحتين لينال رضا الرحمن ويلقى ربا راضيا غير غضبان في مقعد صدق عند مليك مقتدر. 

 جعلنا الله وإياكم من الفائزين بيوم الجائزة ويوم النشور.

تعليق عبر الفيس بوك