منظمة الصحة تعكف على تشكيل إطار قرار عالمي فيما يتعلق باللقاحات والفحوصات وتدابير الوقاية

الدكتور أحمد المنظري لـ"الرؤية": السلطنة تبذل "جهودًا كبيرة" لاحتواء "كورونا"

جهود تنسيقية لمنظمة الصحة العالمية مع الجميع لتعزيز إنتاج اللقاحات

"تفاوت صارخ" في توزيع اللقاحات حول العالم.. واختلال التوزيع واضح في دول الإقليم

اختلال ميزان توزيع اللقاحات لن يحقق السلامة والمأمونية لأي دولة

زيادة "غير مسبوقة" في إصابات ووفيات "كورونا" بدول الإقليم

4 تحورات جديدة للفيروس.. و"الهندي" يتسم بـ"الخطورة"

المتحور الهندي قد يؤثر على تدابير مكافحة الوباء ومنها اللقاحات

بعض الدول اتخذت قرارات الإغلاق والحظر "دون تقدير للفوائد والأضرار"

 

 الرؤية- أحمد الجهوري

أشاد الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بما اتخذته السلطنة من جهود كبيرة ومقدرة منذ بداية جائحة كورونا لمواجهة انتشار العدوى، مشيرا إلى أن الإجراءات المتخذة تميزت بالسرعة والشمول واعتماد المنهج العلمي، وإشراك القطاعات المختلفة والحرص على توعية المجتمع، مع توفير القدرات والإمكانات اللازمة والتجهيزات عالية المستوى.

وقال- في حوار خاص مع "الرؤية" عبر الإنترنت- إن السلطنة وكافة بلدان الإقليم لم تدخر جهداً في سبيل احتواء الجائحة، وإنه مع ظهور اللقاح حرصت على توفيره لمواطنيها. وأوصى المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بمواصلة ما قامت به السلطنة على مدى عام كامل من إجراءات للصحة العامة، وتدابير وقائية، مؤكدا أن هذا هو سبيلنا للقضاء على الجائحة، خاصةً وأننا قطعنا شوطاً كبيراً في مواجهة الجائحة وبدت بوادر الأمل تلوح في الأفق بظهور اللقاحات وبدء حملات التطعيم، وبإمكاننا جميعا أن نعبر المرحلة الدقيقة المتبقية أمامنا بمزيد من الالتزام والجدية في تنفيذ الإجراءات والتدابير الوقائية دون سأم أو كلل.

جهود تنسيقية

وأبرز المنظري دور المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في توفير اللقاحات ضد فيروس كوفيد-19 لدول الإقليم وخاصة التي لا تتمكن من الحصول عليه، وأكد أنَّ المنظمة تبذل جهوداً تنسيقية مع سائر الشركاء منذ بداية الجائحة لتعزيز إنتاج اللقاحات والإسراع بتوزيعها وضمان وصولها على نحو عادل لكل البلدان بما فيها البلدان المنخفضة الدخل أو التي تمر بظروف استثنائية. وفي هذا الإطار كان إنشاء مرفق كوفاكس علامة بارزة على طريق تحقيق هذه الأهداف. وقال إنه مع ظهور اللقاحات والبدء في توزيعها، قدمت المنظمة والشركاء الدعم لجميع البلدان بما فيها بلدان الإقليم سواء التقني أو المادي لضمان وصول حصص من اللقاحات لكل بلد. وقد تم إعطاء أكثر من 36 مليون جرعة، تغطي قرابة 5% من سكان إقليم شرق المتوسط وصل خمسها تقريباً (قرابة 6 ملايين جرعة) عن طريق مرفق كوفاكس، الذي تشارك فيه المنظمة والشركاء، إلى 15 بلداً كان آخرها سوريا. وقد تسلمت جميع بلدان الإقليم شحنات أولى من اللقاح. وينظم مرفق كوفاكس عمليات تسليم المزيد من اللقاحات لـ13 دولة في الإقليم. وبدأت جميع البلدان في إقليم شرق المتوسط ​​حملات التطعيم. ونسقت المنظمة مع الشركاء في مرفق كوفاكس وصول اللقاحات حتى إلى البلدان التي تمر بصراعات أو المنخفضة الدخل. وذكر المنظري أن الدول التي تلقت لقاحات كوفيد-19 من خلال مرفق كوفاكس هي: أفغانستان وجيبوتي ومصر وإيران والعراق والأردن ولبنان وليبيا والمغرب والأراضي الفلسطينية المحتلة وتونس والصومال والسودان وسوريا واليمن، مشيرا إلى أن الشحنة الأولى وصلت السودان في 3 مارس 2021 وآخر شحنة وصلت إلى سوريا في 22 أبريل 2021.

وتابع أن المنظمة تواصل جهودها مع تحالف "جافي" واليونيسيف وسيبي بحيث يتم في الربع الثاني من عام 2021، تقديم 14.1 مليون جرعة من لقاح فايزر-بيونتك لـ11 بلداً من بلدان الإقليم. وبين أنه على الرغم من إعطاء أكثر من 36 مليون جرعة من لقاحات كوفيد-19 في جميع أنحاء الإقليم، لم يحصل الناس على التطعيم بالمعدل المستهدَف لتقريبنا من وقف انتشار كوفيد-19. وزاد بالقول: ورغم أن ذلك قد يرجع إلى نقص اللقاحات على المستوى العالمي، فإن التردد في أخذ اللقاح في إقليمنا لا يزال مرتفعًا، واللقاحات فعَّالة. وحث المنظري الجميع على الحصول على اللقاح المضاد لكوفيد-19 متى توفَّر، معتبرا ذلك ليس اختيارًا شخصيًّا؛ بل مسؤولية تقع على عاتق كل فرد منا.

"تفاوت صارخ"

وأشار المنظري إلى التفاوت الصارخ في توزيع اللقاحات بين البلدان المختلفة؛ إذ ذهبت النسبة الكبرى من هذه اللقاحات إلى البلدان ذات القدرة المالية على التمويل الذاتي الكامل للقاح والتي تعاقدت مباشرة مع الشركات المصنعة، ومن ثم تأثرت فرص الدول الأخرى المشاركة في مرفق "كوفاكس" والتي كان يفترض أن تتلقى حصصاً من اللقاح تغطي على الأقل احتياجاتها العاجلة للفئات ذات الأولوية والأكثر عرضة للخطر. وقال إن الاختلال في التوزيع يظهر بوضوح في إقليم شرق المتوسط؛ حيث إن العاملين في مجال الرعاية الصحية والأشخاص الذين يعيشون في بعض الأماكن الأكثر عُرضة للخطر، مثل سوريا واليمن، لديهم فرص محدودة للغاية للحصول على اللقاحات.

وأوضح أنه بمشاركة 190 بلداً واقتصاداً عالمياً، كانت- ولا تزال- خطة منظمة الصحة العالمية مع مرفق كوفاكس قيام الدول المرتفعة الدخل بالمساهمة في تمويل احتياجات الدول المنخفضة الدخل، إلى جانب تصدي تحالف "جافي" لتمويل احتياجات الدول المؤهلة لتلقي الدعم من هذا التحالف، لكن حرص قيادات كل بلد على توفير كامل احتياجات مواطنيه، أثر أشد الأثر على خطة الإتاحة والتوزيع التي وضعها مرفق كوفاكس وأدى على ما نراه من خلل كبير في نسب التوزيع.

وشدد المنظري على أن اختلال ميزان توزيع اللقاحات لن يحقق السلامة والمأمونية لا للدول التي توسعت في شراء اللقاحات ولا في الدول التي حرمت من اللقاح، كما إنه لا بديل عن العدالة في التوزيع حتى نتمكن من احتواء الفيروس والحد من انتشاره. وأكد المنظري أنه ليس بمقدور دولة وحدها أن تهزم الجائحة، كما لن يكون بمقدور الاقتصاد العالمي التعافي من الآثار المترتبة على الجائحة إن استمرت هذه التفاوتات الحادة في توزيع اللقاحات.

زيادة الحالات

وردًا على سؤال حول الزيادة في أعداد الإصابات والوفيات بدول الإقليم ومدى تماشيها مع الزيادة في دول العالم، قال المنظري إن آخر المستجِدات تشير إلى زيادة كبيرة خلال الأسابيعُ الماضية تقارب الزيادة المسجلة على الصعيد العالمي. وأضاف: "بلغت الزيادة مستوى غير مسبوق، ففي العام الماضي بأكمله، أبلغ إقليمنا عمَّا مجموعُه 5 ملايين حالة إصابة. بينما في هذا العام، وخلال الأسابيعِ الثلاثةَ عشرَ الأولى وحدها، أُبلِغ عن 3 ملايين حالة أخرى. وفي الفترة من 17 مارس إلى 9 أبريل 2021- أي خلال 24 يومًا- أبلغنا عن عدد من الحالات يُماثل ما أبلغنا عنه خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020، وقال إن هذا "أمرٌ مُثير للقلق"، في الوقت الذي تشهد فيه أجزاء أخرى من العالم- منها الهند- تطوراتٍ أخرى بالغة الأهمية، يمكن أن تؤثر تأثيرًا كبيرًا على مسار الجائحة في إقليمنا.

وحول تحورات فيروس كورونا، أوضح المنظري أنه تم الإبلاغ عن 4 تحورات من فيروس سارس كوف-2 المسبب لمرض كوفيد-19 إلى منظمة الصحة العالمية، من المملكة المتحدة وجنوب إفريقيا والبرازيل والهند، وهذا التحور الأخير من تحوُّرات الفيروس المثيرة للاهتمام، وكانت الهند أول دولة تكتشفه وتبلغ عنه، ولهذا التحوُّر طفرتان نوعيتان داخل الجينوم، وظهر هذا التحور المُسمى "B1617" لأول مرة في ولايتين هنديتين بنهاية عام 2020، وتزداد نسبة حالات الإصابة به منذ نهاية العام الماضي.

وقال إن هذه السلالة تتسم بالخطورة نظراً لوجود اثنتين من هذه الطفرات تتشابه مع الطفرات التي تؤدي إلى زيادة قدرة الفيروس على الانتقال، كما إن بعض هذه الطفرات يؤدي أيضًا إلى الحد من القدرة على إبطال مفعول الفيروس، وهو ما قد يؤثر على تدابير المكافحة، ومنها اللقاحات.

وكشف المنظري أن المنظمة تعمل حالياً بالتعاون مع الهند وسائر بلدان العالم للتأكد من زيادة نسبة التسلسل الذي يحدث في شتى أنحاء العالم، وللتأكد أيضًا من القيام بتسلسل ذكي لكي نتمكن من اكتشاف أماكن هذه التحورات المثيرة للاهتمام وتلك التحورات المثيرة للقلق. وقال: "بصفة عامة أبرز ظهور تحورات جديدة أهمية استمرار الجميع في الامتثال للتدابير الصحية والاجتماعية المحلية والوطنية، وتحتاج تحورات الفيروسات إلى استجابة عالمية سريعة ومنسقة، وتقود منظمة الصحة العالمية المناقشات لتشكيل إطار قرار عالمي يمكن تفعيله لتكييف اللقاحات والاختبارات التشخيصية والعلاجات وتدابير الوقاية والأدوات الأخرى إذا دعت الحاجة إلى ذلك". وأضاف أن المشاورة العالمية تضمنت مناقشات حول الشكل الذي سيبدو عليه مثل هذا النظام؛ منها: نوع المعلومات التي سنحتاجها، والمعايير التي سيتم استخدامها في صنع القرار، وكيف سيتم تنسيق العملية الشاملة والمعقدة. وشدد على أن منظمة الصحة العالمية تتابع التحورات ذات الأهمية من خلال مجموعة عمل تطور الفيروسات التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي تم تشكيلها رسميًا في يونيو 2020.

الإغلاقات والحظر

وحول ما إذا كان الإغلاق ما زال أحد الحلول الناجعة في المجتمعات التي ينتشر فيها فيروس كورونا، قال المنظري إنه في مرحلة مبكرة من الجائحة لجأت بلدان العالم إلى الإغلاق لوقف تفشي الفيروس والحد من انتشاره، وتفاوتت البلدان في مستويات الإغلاق بين إغلاق جزئي وإغلاق شامل، كما تفاوتت من حيث الأسس التي تم في ضوئها تطبيق الحظر الشامل. وأضاف أنه في حين حرصت بعض البلدان على إجراء تقييم دقيق وعلمي للمخاطر قبل اتخاذ قرار الإغلاق بحيث يتم على ضوء نتائج هذا التقييم، اتخذت معظم البلدان القرار دون تقدير لما سيعود به من فوائد أو مضار، وبالطبع تكبدت البلدان خسائر اقتصادية واجتماعية ونفسية جسيمة دفعتها إلى التعجل في رفع إجراءات الحظر والإغلاق دون تمهيد، ونجم عن هذا ردة في أعداد الإصابات بعد فترة من الانخفاض النسبي.

تعليق عبر الفيس بوك