علي بن سالم كفيتان
لا شك أنَّ الجميع يدرك خطورة الجائحة وتحور الفيروس بشكل يدعو للقلق على المستوى الدولي وهذا يدعونا جميعاً للتعاون خلال هذه المرحلة العصيبة مع المؤسسات الصحية والقائمين عليها من خلال الوعي بأهمية تحمل المسؤولية الفردية وعدم الاستهتار بالإجراءات التي يتم اتخاذها سواء ما يتعلق منها بتقييد الحركة أو التي تحث على اتباع سلوك وقائي لمنع انتشار المرض.
ولا يجب التهاون بأيِّ حال من الأحوال لكي لا نضع أنفسنا في المقام الأول ومن ثم المؤسسات الصحية في وضع يصعب من خلاله مساعدتنا عندما نحتاج للرعاية الطبية، ولا مجال لتوجيه اللوم في هذه المرحلة بقدر ما هو الانصياع للخطوات التي تتخذها اللجنة المعنية بالتعامل مع هذه الجائحة في البلاد.
وقد صرح المسؤول عن الخدمات الصحية في محافظة ظفار بأنَّ الأمور تحت السيطرة في مستشفى السلطان قابوس بصلالة وأن الأسرة متوافرة، وكذلك ما سماها بالغازات قاصدا الأكسجين المطلوب للحالات الحرجة. وتضارب هذا التصريح مع آخر، خلال لقاء أجري مع طبيب من داخل أروقة المستشفى ذكر أنَّ الوفيات مستمرة بوتيرة عالية، مما يعمل على توفير أسرة في العناية المركزة. وهذا ما عزاه لتوافر شواغر للحالات الحرجة.
نعتقد أنَّ مثل هذه التصريحات المتضاربة لا تخدم الرأي العام المتوتر والخائف في آن واحد، وإذا ما سلمنا بما قاله المسؤول الإداري فإنَّ مركز القلب لا يمكنه استقبال حالات حرجة وكذلك الأقسام الأخرى التي تم تفريغها والعمليات التي تمَّ تأجيلها، فتحول كامل المستشفى القديم إلى مستشفى مخصص لكوفيد-19فقط، وهذا يضعنا أمام خيار صعب جدًا في قادم الأيام، ولا نعتقد أنَّ الوضع تحت السيطرة بقدر ما هو تدوير للمشكلة داخل نفس الإطار، وهذا النهج دأب عليه بعض المختصين بوزارة الصحة منذ زمن ليس بقريب في محافظة ظفار.
من المُلفت في التصريح أن كل شيء متوافر والوزارة الموقرة عملت إسنادا بأجهزة التنفس الصناعي، لكنها لم تبعث فنيين ولا أطقم طبية لتشغيل تلك الأجهزة وتوفير العناية للمرضى، وهنا تنتفي الحاجة للأجهزة التي لا يمكن تشغيلها، نظرا لنقص الكادر الطبي المتخصص، مما يعني استمرار المعاناة والتسليم بالأمر الواقع. وما يُستغرب له كذلك رفض المسؤول فكرة إنشاء المستشفى الميداني، فما هو الحل الذي تملكه الوزارة أمام هذا التدفق الهائل للحالات الحرجة للمستشفى؟ لابد أن يملك هذا المسؤول جواباً يقدمه للناس!
الإغلاق هو إصلاح ميكانيكي ولن يحل المشكلة مطلقاً في السلطنة، ونكاد نستغرب في عموم البلاد من عدم توفر اللقاحات والتعذر بـ"تسييس" الوضع، فما الذي يمنعنا من تسيسه لإنقاذ شعبنا، مثلما فعل الآخرون. لا نعتقد أنَّ هناك مجالا للقيم الواهية في هذه المرحلة، ولسنا وحدنا في هذا الكون من يملك الفهم والدراية أكثر من كل دول المنطقة بأنواع اللقاحات حتى نتجادل عن صلاحيتها للاستخدام من عدمه، فدول مجاورة طعّمت جميع رعاياها وبلقاحات مُتعددة، ولذلك انخفضت الحالات، والحياة بدأت تعود إلى وضعها الطبيعي تدريجياً؛ فالمساجد مفتوحة والصلوات تؤدى وفق الاحترازات، والمدارس والجامعات وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، وما دام الأمر ليس مالياً فهو إداري بحت، يجب أن تحاسب عليه الجهة المعنية.
السلطنة اليوم من بين الدول الأقل التي وفرت لقاحات لشعبها ولا يوجد مبرر لهذا التقصير، فمولانا جلالة السلطان المفدى- حفظه الله ورعاه- أمر بوضع كل المتطلبات المالية تحت تصرف وزارة الصحة والمعنيين بتوفير اللقاحات، ولا يمكننا قبول الحجج التي قدمتها وزارة الصحة، ولا يمكن قبول مبدأ النأي بالنفس وتحميل المجتمع كامل المشكلة، كلما ظهرت بؤرة جديدة للمرض واستفحل أمرها.
اليوم لا صلاة تراويح، ولا أسواق تعمل، والجميع يعيش ترقب الخائف على نفسه وعلى أهله من المجهول، ولا يملك سلاحاً غير النزول للأسواق منذ بزوغ الفجر لتوفير حاجياته والعودة لمنزله والمرابطة فيه في انتظار الفرج من وزارة الصحة لاتباع نهج آخر غير نهج الإغلاقات عبر توفير اللقاحات في القريب العاجل.