اللا حلول!!

 

سلوى الكثيرية

امتدُّ الحوارُ كالتالي، لكنه كان يغرس جذوره في اللاحلول على مدار الأعوام.

في سن الخامسة: "أمي، كيف اخترتِ لي هذا الاسم؟".

"لم أختره! كُنت قبل ولادتك أطرح اسمًا لوالدك كل فترة كي نتفق حوله، وفي كل مرة كان يقول لِمَ تستبقين الأحداث؟ لكل حادث حديث، المهم صحتك الآن، وهكذا مضت الشهور حتى وضعتك".

فاجأني وأنا على سرير المستشفى بشهادة ميلاد مكتوب عليها اسمك، لزمتُ الصمت حينها؛ فقد كان الحدث أمام عدد كبير من الأقارب الذين أتوا لزيارتي، ولم يكن وضعي الصحي يسمح لي بالجدال، وخشيت أن يعرف الجالسون أننا لم نتفق حول الاسم مسبقًا، لكنَّ فرحة قدومك هونت عليَّ الأمر، لم أرغب أن أفسد تلك اللحظة وأنا أشاهد والدك وإخوته في غاية السعادة لأنَّك ستحمل اسم والدهم.

في المرحلة الدراسية الابتدائية: "زُملائي في الصف يسخرون من اسمي، والمعلمات يُخطِئن في تهجئته دائمًا، لطالما تساءلت لِمَ لا يحمل هذا الاسم غيري؟".

كانت الأصوات التي أسمعها لا تنفك من تكرار ذاتها:

- هذا اسم جدك، يجب أن تحبه كما تحب جدك، قدرك أن لا تكون عاديًا؛ فقد حظيت بحمله دون الجميع.

في المرحلة الدراسية الثانوية: أشعر بمدى بشاعة اسمي، وأخجل عندما يسألني أحدهم ما اسمك، في كل معاملة ينظر الموظف لوجهي ليتأكد أني مواطن وأشعر أن الطوابير خلفي تنتفض بل أكاد أجزم أنهم يكتمون ضحكاتهم.

وما زالت الأصوات تتردد: هذا ما يميزك، يجب أن تستغل هذا الاختلاف لصالحك، وتستشعر كونك رمزَ الحب الذي أهداه والدك لجدك، وهذا هو معنى اسمك الحقيقي.

في المرحلة الجامعية: "ببساطة، أنا لا أعرف جدي ولم أحبه يومًا، ولا أظن أن اسمي سيشكل فارقًا، لكني متأكد أنَّ الفتاة التي سأرتبط بها سيرعبها أن يحمل أبناؤها هذا الاسم، سئمت من تعجب كل صديق أعرفه من اسمي وأصل اسمي، هذا الاسم الملتصق بي يفسد حياتي، إنه يُصعب علي الطريق ويجعلني غريبا، غريبا وغير مفهوم، وموجودا بالإكراه.

تعليق عبر الفيس بوك