د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي
عرَّف بعض العلماء اللغة على أنَّها "نسق من الإشارات والرموز، وأصوات يُعبر بها كل قوم عن أغراضهم". أما ابن خلدون، فقد وصفها قائلا: "هي ملكات في اللسان للعبارة عن المعانى"، في حين أنَّ ابن حزم وصفها بأنها "ألفاظ يُعبَّر بها عن المسميات وعن المعاني المراد فهمها، ولكل أمة لغتهم".
فما إذن الدَّاعي إلى تعلُّمنا اللغات؟ أمن أجل العلم؛ مثل الترجمات المعروفة في الطب والهندسة وباقي مناحي العلم؟ أهي للتواصل أم للتجارة؟
الأسباب عديدة ولكن في طرحنا هذا سوف نتطرق لدور اللغات الحية المتنوعة في الترويج والتسويق السياحى للسلطنة. جميعنا يُدرك أهمية اللغات، خاصة وأنَّها تمثل عنصرا أساسيًّا في تأكيد هُوية متحدثيها، إذا كانت اللغة التي يستخدمها هى اللغة الأم.
والمعلوم أنَّ لدينا في السلطنة مراكز لتعليم اللغات الأجنبية؛ منها: الفرنسي والألماني والإسباني والإيطالي والإنجليزي، تقوم فقط بالتدريس. كما سبق وابتعثت السلطنة مجموعة من المواطنين لتعلم بعض اللغات؛ مثل: الصينية واليابانية، ولكن السؤال الأهم الآن: هل توجد لدينا قاعدة بيانات وطنية تحصُر أعداد ومواقع متحدثى هذه اللغات من أجل الاستعانة بهم للترويج للسلطنة؟ وما هو العائد الذي عاد على السلطنة عندما تم إرسالهم ودعمهم لدراسة تلك اللغات الحية في الجانب السياحي؟!
هناك العديد من الكليات والجامعات الخاصة والحكومية تقوم بتدريس بعض اللغات الحية ضمن مقراراتها الأكاديمية؛ مثل: الألمانية والإيطالية والفرنسية، ولكن ما هو مستوى مُتلقِّني هذه اللغات كمطلب أكاديمي؟! كما لدينا جامعة السلطان قابوس ومركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، وكلاهما منارة أكاديمية، ولها إسهامات واتصالات دولية معنية باللغات الحية مع مؤسسات تمتهن هذا الدور، وهو تعليم اللغات الحية في مقرها.. وتعددت مراكز تعليم اللغات الحية، لكننا لم نرَ أيَّ دور لهم في دعم التسويق والترويج السياحي للسلطنة!!
قِس على هذا دور المرشدين السياحيين والمترجمين المعتمدين ودورهم في هذا الجانب. فماذا كان دور المعاهد والمراكز والكليات والجامعات في إيصال وتعليم أبنائنا اللغات الحية الصحيحة؟ هل هناك من يُراقب أو يُؤكد جودة تلك المخرجات؟ إذ يلاحظ أنَّ العديد ممن انتسب لها لا يُجيد التحدث بتلك اللغات أو حتى فهم مفرداتها.
للأسف.. أصبحت العملية الأكاديمية المعنية بتدريس اللغات هي عملية حفظ وتلقين من أجل استيفاء المطلب الأكاديمي، أو التباهي ببعض الكلمات الأجنبية كنوع من التميز الاجتماعي.
إنَّ سياحتنا الوطنية بحاجة للانتشار عالميا، والسياحة هي واحدة من القطاعات الاقتصادية المهمة التي نعوِّل عليها الكثير.
وتعدُّ اللغات الحية ذراعًا مهمة جدًّا في قطاع السياحة، ويتوجب أن نوليها اهتمامنا ودعم وتأكيد جودة مخرجات مراكز ومعاهد تعليم اللغات الحية بالسلطنة، كما يجب العمل على بناء قاعدة بيانات لمخرجاتها.
ويحدُونا الأمل في أنْ نرى مقالات تُروّج للسياحة بالسلطنة في بعض الصحف العالمية بأقلام عُمانية، وبلغات حية؛ مثل: الألمانية والإيطالية والفرنسية والصينية والروسية، وكذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ مثل: اليوتيوب...وغيرها للترويج للسلطنة.
إننا نأمل أن تتكاتف الجهود لدعم هذا التوجه، والذي نحن بحاجة ماسة إليه.