طريق الباطنة القديم

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

نعلمُ جميعا أنَّ كلَّ شيء يمنح الحياة ويشكل حياة، فإنَّه يحتاج إلى حركة، حتى ازدهار الأوطان وتطورها ونمائها وتشييد الدول، وينطلقُ ذلك من قرارات تُصاغ وتُدرَّس، تسبقها جلسات نقاشية واجتماعات تشاورية من أجل وضع خطط عمل تستكمل جهود مختلفة، أُرِيد منها خدمة الصالح العام؛ سواء كان ذلك للحاضر أم للمستقبل. وفي تقديري، يُعمل بذلك في مختلف بلدان العالم المتحضر أو غيرها.

وفي عُمان -ولله الحمد- منذ نَشأة هذا البلد، وكل شيء فيه يمشي بخطط مدروسة حققت الأهداف المرسومة لعملية التطور والبناء.

ولا شك أنَّ هناك تحديات كثيرة وكبيرة تواجه أحيانا الحكومات والقطاعات العامة المختلفة؛ إذا ما أرادات العمل من أجل رفاهية المجتمع وتحقيق التنمية فيه وعلى أرضه، ناهيك عن أنَّ الاهتمام بالتنمية البشرية ضرورة ملحة وحاجة ماسة وغاية قصوى من الأهمية بمكان أن تتحقق ويُؤخذ بها، مع إيجاد إصلاحات مصاحبة؛ سواء كانت اقتصادية أو صحية أو اجتماعية أو تعليمية وتربوية؛ الأمر الذي يجب أن يتصدر كل الأولويات والأجندات.

وحينما نعلم أنَّ الإخلاص والمصداقية في أي عمل، وبذل المزيد من الجهود وإعمال الفكر من أجل تحقيق حركة تطور سريعة وتنمية مستدامة متنوعة تستكمل عملية البناء والتطور والإنجاز، فيجب أن تبرز كأسس من الضرورة الإتيان بها وليس فقط خيارات، قد يؤخذ بها أو لا.

ومنذ فجر النهضة المباركة التي أرسى دعائمها السلطان قابوس بن سعيد -طيَّب الله ثراه- كانت مسيرة التنمية الشاملة تسير في نهج حكيم نحو استكمال منظومة الحياة العامة في السلطنة؛ فعلى غرار ذلك أنشئت المؤسسات الصحية والتعليمية...وغيرها، وشيدت شبكة طرق مبهرة ربطت السلطنة من جنوبها إلى شمالها. وفي الآونة الأخيرة، شهدت شبكة الطرق لدينا تطورا ملحوظا، بدءًا من إنشاء طريق صور قريات العامرات، ثم طريق مسقط السريع بدءًا من بركاء وحتى القرم في مسقط، ثم طريق الداخلية والظاهرة، وأخيرا طريق صحار السريع الممتد إلى حدود مسقط؛ فطريق محافظتيْ شمال وجنوب الشرقية الجديد، الذي يبدأ من بدبد إلى ولاية صور، وتلك الأنفاق والجسور التي رافقت ذاك التصميم الرائع لتلك الطرق، في تجربة استثنائية أبهرت الجميع، خاصة تحويل مسار طريق وادي العق القديم، الذي كان يوما من الأيام مقبرة، لما كان يحصده من أرواح ووفيات جراء حوادث السير التي كانت تقع عليه.

ومع هذا التطور الذي شمل كافة الطرق في جميع المحافظات، إلا أنَّنا نجد أنَّ طريق الباطنة القديم بدءًا من بركاء وانتهاء بآخر ولاية في شمال الباطنة، يفتقر للإنارة الممتازة؛ فالإنارة المتوفرة في طرق محافظ مسقط مثلا تختلف عن إنارة طريق الباطنة القديم ذي الحارتين، والذي تكثُر فيه حوادث الدهس لكثرة عبوره من قبل المارة سيرًا على الأقدام؛ سواء كانوا من المواطنين أو من الأخوة الوافدين أو المقيمين.

إنَّ مما يُؤسف له أنه لا تزال إنارة طريق الباطنة القديم ليست على ما يرام؛ فالمسافة بين عمود وآخر حوالي 100 متر، بينهما منطقة مظلمة، ولو وقف أو مر شخص أو حيوان ما في تلك المنطقة المظلمة فإنه من الممكن دهسه ويكون عُرضة لزهق روحه، لأنَّ حدود السرعة في أماكن كثيرة من هذا الطريق تتجاوز 120 كم في الساعة؛ وبالتالي من الصعوبة بمكان تفادي دهس أي شخص يكون في تلك المنطقة المظلمة.

وقد شاهدتُ بنفسي حوادث دهس مختلفة وقعت في ذلك الطريق بسبب الحركة الكثيرة عليه، واكتظاظ المحلات والازدحام المروري والإنارة الضعيفة والسرعة العالية، التي يتمسك بها بعض السائقين، آخذين في الاعتبار أنه لطالما السرعة 120 كم في الساعة فمعنى ذلك أنَّ هذا حق لنا.

كذلك فإنَّ وجود اللونين الأصفر والأبيض في هذا الطريق -الذي يفصل كل حارة عن الأخرى- غير موجود؛ وبالتالي وجود إنارة ضعيفة ومناطق مظلمة في الطريق مع عدم وجود الخط الأبيض المتقطع الذي يفصل كل حارة عن الأخرى، من شأنه أن يسبِّب حوادث وكوارث، وحقيقة أنا أستغرب كيف للجهة المسؤولة عن تخطيط هذا الطريق وغيره أن لا تُبادر مباشرة وباستمرار بصبِّ الخط الأبيض بشكل دائم؟ لماذا تنتظر هذه الجهة حتى يختفي الخط الأبيض نهائيا من الطريق؟

وهنا أقول.. بما أنَّ دوريات شرطة عُمان السلطانية الأكثر سيرا على هذا الطرق، فإنني أرى -والله أعلم- تكليف الدوريات بكتابة تقرير يومي عن حدود الطريق المكلفة بالسير فيه، ورفعه إلى جهات الاختصاص لتنفيذ الإصلاح السريع عليه، أو جعل مهمة تخطيط الطرق لفريق فني من الشرطة، يتواجد في كل قيادة، ويقوم بشكل مستمر بمعالجة الطرق، مادام أنَّ الجهة المعنية بشبكة الطرق تتأخر كل هذا التأخير.

رعى الله مسيرتنا المظفرة بفيض عنايته، ووفق سلطاننا المعظم -نصره الله- إلى ما يصبو إليه من عزة وتطور لهذا البلد.. والله يحفظ الجميع من كل مكروه.

تعليق عبر الفيس بوك