من يملك القرار؟!

فاطمة بنت خلفان الفورية *

تتضمَّن عملية التوعية تقديم الوعي للطلاب، وأولياء أمورهم بأهم المعلومات المهنية والبيانات الإحصائية؛ من خلال أدوات ووسائل مساندة وإجراءات داعمة لها.

وتبدأ توعية الطلاب منذ بدء العام الدراسي، وتشمل العديد من الخدمات التي تقدم من مركز التوجيه المهني والإرشاد الطلابي، والجهود التي تبذل من إخصائيي التوجيه المهني في أقسام المديريات التعليمية؛ حيث تنوَّعت الوسائل والأساليب، والأدوات والمصادر التي تهدف لإيصال الوعي المهني المساند للطلاب في اتخاذ قرار اختيار المواد الدراسية في الصف العاشر؛ وذلك بعد أن أصبح الطالب مُهيَّأ لتحديد التخصص الدراسي الذي يرغب الالتحاق به بعد مرحلة دبلوم التعليم العام. فمنذ بدء العام الدراسي (2020/2021) لم يتوانَ إخصائيو التوجيه المهني في بث المعلومات التي يحتاجها الطالب من محاضرات، وورش توعوية، وأنشطة مهنية، وحلقات نقاشية، ونصائح توجيهية؛ لدعم الطلاب وإرشادهم نحو أفضل الخطوات التي يجب مراعاتها عند اختيار التخصص الدراسي، مُستندين إلى عدة مصادر؛ منها: دليل الطالب وولي الأمر؛ بما يتضمنه من خطوات مساندة للطالب وولي أمره؛ لدعم اختيار الطالب، ودليل الطالب للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي؛ ليتعرف على اشتراطات البرامج الدراسية في مؤسسات التعليم العالي، وكتب مسارك المهني، ومؤشرات سوق العمل، والمقاييس المهنية التي تساعد الطالب في تحديد ميوله وسماته الشخصية، مستخدمين كافة البرامج والتطبيقات التقنية في ظل التعلم عن بُعد.

وهنا.. يأتي دور الطالب في تلقي المعلومات والاستفادة من الكم المعرفي؛ لبناء أهدافه، واكتشاف ذاته واهتماماته؛ ليصبح لديه رؤية واضحة وقرار ثابت يمكّنه من اختيار المسار المهني المتوافق مع قدراته وميوله؛ لما له من تأثيرٍ كبيرٍ في الحياة المهنية للطالب بعد تخرجه من مؤسسات التعليم العالي، كما يحدد مدى فرصته في الحصول على الوظيفة المستقبلية في ظل التغيرات الاقتصادية الراهنة، فكلما كان اختيار الطالب لمواده الدراسية مبنيًّا على أسس ثابتة ومعايير واضحة، أدى ذلك إلى الاستقرار المهني في المستقبل. وهذا يتطلب بذل المزيد من الجهد من جهة الطالب في البحث والتقصي عن التخصص المناسب الذي يحقق طموحه المهني، من خلال بناء خطة مهنية واضحة ومحددة الأهداف. إضافة إلى التحلي بالمسؤولية اتجاه قراراته التي يتخذها دون أن يتأثر بفكر وآراء الآخرين المحيطين به كالأصدقاء والأقران.

وفي مرحلة اختيار المواد الدراسية، ينقسم الطلاب عند اختيار موادهم الدراسية إلى ثلاث فئات: فئة حسمت قرارها بما يتناسب مع ميولها ورغباتها وسارعت إلى إدراج خيارتها في البوابة التعليمية، وفئة لا تزال في تذبذب وحيرة وتردد في اتخاذ القرار، وفئة ثالثة لم تتمكن بعد من تحديد أهدافها وليس لديها أي توجه مهني يساعدها في الاختيار، ومن هنا تنبع مشكلة تغيير الخيارات الدراسية في بداية العام الدراسي، والتي تسبب زعزعة في ثبات الفصول والشعب الدراسية، فيبدأ الطلاب بتقديم طلبات تغيير خيارات المواد الدراسية، إضافة إلى تدخل بعض أولياء الأمور في اختيارات أبنائهم فيدفعونهم إلى اختيار مواد دراسية لا تتفق وحجم إمكانياتهم وطموحاتهم المستقبلية؛ لرغبتهم في تحقيق طموحاتهم الشخصية ودفن طموحات أبنائهم المستقبلية؛ مما يُؤثر سلبًا على تدني المستوى التحصيلي للطالب فيخفق في تحقيق النجاح، وحين يختار الفرد المهنة التي تتفق مع ميوله وقدراته وسماته الشخصية فإنَّ ذلك يؤدي لتحقيق الرضا النفسي والسعادة في العمل مدى الحياة؛ لذا ينبغي أن يترك أمر حسم القرار للطالب فهو من يحدد مصيره ويرسم مستقبله، فالاختيار السليم يحقق التوافق النفسي والشعور بالرضا والسعادة، فيُقدم الطالب على التعلم بخطوات إيجابية.

* رئيسة قسم المناهج بمركز التوجيه المهني والإرشاد الطلابي - وزارة التربية والتعليم

تعليق عبر الفيس بوك