◄ المخابرات الأمريكية تعتقد أن ولي العهد السعودي وافق على عملية أفضت إلى مقتل الصحفي جمال خاشقجي
◄ واشنطن تفرض عقوبات على بعض السعوديين
◄ المملكة العربية السعودية ترفض رفضا قاطعا نتائج تقرير المخابرات الأمريكية
واشنطن- رويترز- الوكالات
بعد صدور تقرير للمخابرات الأمريكية يعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية للقبض على الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي أو ربما قتله في عام 2018، يبدو أن العلاقات السعودية الأمريكية تتجه نحو مزيد من التعقيد، على الرغم من العلاقات التاريخية التي تمتد لعقود خلت.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على بعض المتورطين لكنها استثنت ولي العهد نفسه، وذلك في مسعى للحفاظ على العلاقات مع المملكة. وكان فريق من السعوديين الذين تربطهم صلات بولي العهد قد قتل خاشقجي، المقيم في الولايات المتحدة والذي نشر مقالات بصحيفة واشنطن بوست تنتقد سياسات الأمير محمد. ومزق القتلة جثة خاشقجي في قنصلية المملكة في إسطنبول عام 2018.
وأصدرت الحكومة السعودية، التي نفت أي دور لولي العهد، بيانا يرفض نتائج التقرير الأمريكي ويكرر البيانات السابقة بأن قتل خاشقجي كان جريمة نكراء "ارتكبتها مجموعة تجاوزت كافة الأنظمة وخالفت صلاحيات الأجهزة التي كانوا يعملون فيها، وقد تم اتخاذ جميع الإجراءات القضائية اللازمة للتحقيق معهم وتقديمهم للعدالة، حيث صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية رحبت بها أسرة خاشقجي".
وحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن توضيح أن قتل الخصوم السياسيين غير مقبول للولايات المتحدة مع الحفاظ في الوقت نفسه على العلاقات مع ولي العهد الذي قد يحكم واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم، وقد يكون حليفا مهما ضد العدو المشترك إيران.
وقال بايدن في مقابلة تلفزيونية إنه أبلغ العاهل السعودي الملك سلمان بأنه ينبغي للمملكة معالجة انتهاكات حقوق الإنسان باعتبارها شرطا أساسيا لتعاملها مع الولايات المتحدة. وأضاف في المقابلة مع شبكة اونيفيسون التلفزيونية الناطقة بالإسبانية "قلت له صراحة إن القواعد تتغير وإننا سنعلن تغييرات كبيرة يوم الإثنين".
وفرضت الولايات المتحدة ضمن الإجراءات العقابية التي اتخذتها حظر تأشيرات على بعض السعوديين الذين تعتقد بتورطهم في قتل خاشقجي وعقوبات على آخرين منهم نائب رئيس المخابرات السابق أحمد العسيري تقضي بتجميد أصولهم في الولايات المتحدة ومنع الأمريكيين من التعامل معهم.
وقال مسؤولون أمريكيون أيضا إن إدارة بايدن تدرس إلغاء صفقات أسلحة مع السعودية تثير مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان وفي الوقت نفسه قصر المبيعات العسكرية المستقبلية على الأسلحة "الدفاعية" ريثما تعيد تقييم العلاقات مع المملكة ودورها في حرب اليمن.
وقال مكتب مدير المخابرات الوطنية في التقرير "نحن نرى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية في اسطنبول بتركيا للقبض على الصحفي جمال خاشقجي أو قتله". وأضاف التقرير "ونحن نبني هذا التقييم بناءً على سيطرة ولي العهد على عملية صنع القرار في المملكة والضلوع المباشر لمستشار رئيسي وأفراد من فريق حماية محمد بن سلمان في العملية ودعم ولي العهد لاستخدام تدابير عنيفة لإسكات المعارضين في الخارج ومنهم خاشقجي".
وقال التقرير "يملك ولي العهد منذ 2017 سيطرة مطلقة على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في المملكة مما يجعل من المستبعد للغاية أن ينفذ مسؤولون سعوديون عملية بهذه الطبيعة دون موافقة (منه)".
وقرر الرئيس الأمريكي جو بايدن رفع السرية عن التقرير الذي رفض الرئيس السابق دونالد ترامب نشره متحديا قانونا صدر عام 2019 وذلك فيما يعكس الاستعداد الأمريكي الجديد لتحدي المملكة في قضايا من حقوق الإنسان إلى الحرب في اليمن.
وقال بايدن للمحطة التلفزيونية "هذا التقرير كان موضوعا هناك. الإدارة السابقة لم تنشره. أما نحن، وبمجرد أن وصلت (للسلطة)، قرأنا التقرير واستوعبناه ونشرناه اليوم. وما حدث أمر شائن".
غير أن بايدن يخطو بحذر للحفاظ على العلاقات مع المملكة في إطار سعيه لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران ومعالجة تحديات أخرى من بينها محاربة التطرف الإسلامي وتعزيز العلاقات العربية الإسرائيلية.
"حظر خاشقجي"
وقالت الخارجية الأمريكية، في معرض إعلانها قرار حظر دخول 76 سعوديا وفقا لسياسة جديدة تحمل اسم "حظر خاشقجي"، إنها لن تتسامح مع أي تهديدات للنشطاء والمعارضين والصحفيين أو الاعتداء عليهم نيابة عن حكومات أجنبية.
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على العسيري وقوات التدخل السريع السعودية فيما يتصل بمقتل خاشقجي. واتهمت الوزارة العسيري بأنه كان قائد المجموعة في عملية خاشقجي مضيفة أن العديد من أعضاء المجموعة كانوا من قوات التدخل السريع التابع للحرس الملكي السعودي التي يشرف عليها ولي العهد بشكل مباشر. وقال مسؤولون أمريكيون إن العقوبات وحظر التأشيرات لن تستهدف ولي العهد.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصحفيين في وقت لاحق "ما فعلناه...لا يهدف لقطع العلاقات بل لإعادة ضبطها لتكون متوافقة أكثر مع مصالحنا وقيمنا".
وقال تشاس فريمان السفير الأمريكي السابق في الرياض إنه رغم ما ورد في التقرير إلا أن إدارة بايدن ستضطر إلى التعامل بحذر مع ولي العهد لأنه "لا مجال لتجنبه" بصفته "أكبر مسؤول تنفيذي" في المملكة.
وطالب بعض رفاق بايدن الديمقراطيين الرئيس ببذل المزيد لمحاسبة ولي العهد.
وقال آدم شيف رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي "يجب على إدارة بايدن أن تستكشف سبل ضمان أن تتجاوز تداعيات القتل الوحشي للسيد خاشقجي أولئك الذين نفذوه لتشمل من أمر بذلك - وهو ولي العهد نفسه". وأضاف قائلا "إن يديه ملطختان بالدماء وهذه دماء فرد مقيم في الولايات المتحدة وصحفي، ولا يجب أن يجتمع الرئيس مع ولي العهد، أو يتحدث معه، وعلى الإدارة أن تنظر في فرض عقوبات على أصول في صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يسيطر عليه يكون لها أي صلة بالجريمة".
وكان خاشقجي الصحفي السعودي البالغ من العمر 59 عاما يعيش في منفى اختياري في فرجينيا وكان يكتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست تنتقد سياسات ولي العهد.
وقد تم استدراجه في الثاني من أكتوبر 2018 إلى القنصلية السعودية في اسطنبول على وعد بالحصول على وثيقة يحتاجها لزواجه من خطيبته التركية. وهناك قتله الفريق السعودي الذي يرتبط بصلات بالأمير محمد بن سلمان ومزق جسده. ولم يعثر على أشلاء جثته.
وفي البداية أصدرت الرياض روايات متضاربة عن اختفائه لكنها اعترفت في نهاية الأمر بمقتله في عملية قالت إن منفذيها تصرفوا من تلقاء أنفسهم وكانوا يهدفون لاعتقاله ونقله للسعودية.
وتم القبض على 21 شخصا وتم عزل خمسة مسؤولين كبار من بينهم العسيري وسعود القحطاني أحد كبار مساعدي الأمير محمد بن سلمان. ونوه التقرير إلى أن بعض المتورطين أعضاء في المركز السعودي للدراسات والشؤون الإعلامية الذي كان يرأسه القحطاني آنذاك "الذي قال علنا في منتصف 2018 إنه لم يتخذ قرارات دون موافقة ولي العهد".
وفي يناير 2019 قدمت السلطات السعودية 11 شخصا لمحاكمة غير علنية. وحُكم على خمسة منهم بالإعدام وتم تخفيف الحكم إلى السجن 20 عاما بعد أن عفت عنهم أسرة خاشقجي. وصدرت أحكام بالسجن على ثلاثة آخرين.
وحوكم العسيري لكن النيابة قالت إن المحكمة برأته "لعدم كفاية الإدلة". وتم التحقيق مع القحطاني لكن لم توجه له أي اتهامات.