المجالس البلدية وتحقيق التنمية

د. محمد ربيع فتح الباب **

يلقي هذا المقال نظرة على أحكام المرسوم السلطانيّ رقم (126/ 2020) بإصدار قانون المجالس البلدية. ولا شك وعُمان الآن في خضم تنفيذ "رؤية 2040"، أن تنتفض جميع مؤسسات الدولة، في سبيل تحقيق ما ترتكز عليه تلك الرؤية المستقبلة من محاورٍ أربعة: الإنسان والمجتمع، والاقتصاد والتنمية، والحكومة والأداء المؤسسي، والبيئة المستدامة. ولاشك أيضاً أنَّ العمل على تحقيق تلك المحاور الأربعة يحتاج إلى ظهيرٍ تشريعيّ، يُوفّر له الغطاء.

ومن بين ذلك، المرسوم السلطاني رقم (126/ 2020) بإصدار قانون المجالس البلدية، والذي نهض بدور المجالس البلدية، ومنحها اختصاصاتٍ تزيد على تلك التي كانت ممنوحة لها بموجب المرسوم السلطاني – الملغى- رقم (116/2011)، بإصدار قانون المجالس البلدية.

والحق أنَّ المشرع العمانيّ استشعر- في هذا المرسوم السلطاني- مدى أهمية دور المجالس البلدية، باعتبارها عصب الإدارة المحلية، في تحقيق ما تصبو إليه الدولة بمؤسساتها وأجهزتها من تنميةٍ شاملةٍ ومستدامة، تقوم على تحسين الظروف المعيشية لأفراد المجتمع، وتطوير وسائل الإنتاج، وتلبية احتياجات الجيل الحالي دون إهدار حقوق الأجيال القادمة.

ومن بين أهم تلك الاختصاصات التي تصدق في التعبير بوضوحٍ عن الدور المنشود من المجالس البلدية في تحقيق التنمية المستدامة، ما تنص عليه المادة (21) من المرسوم السلطاني بإصدار قانون المجالس البلدية الجديد، من: اقتراح وسائل استثمار موارد المحافظة، من أجل تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عملٍ للمواطنين، إضافة إلى دراسة مشروعات خطط التنمية في نطاق المحافظة، واقتراح المشاريع الإنمائية فيها، وإبداء الرأيّ بشأن المواقع المقترحة للمشاريع التنموية، والخدمية، والاقتصادية، والمخططات العمرانية، إضافة إلى متابعة تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية في المحافظة، وإبداء المُلاحظات بشأنها.

ولم يغفل المشرع العماني النص على دور المجالس البلدية في مساعدة الأيتام وذوي الإعاقة، إيماناً منه بدورهم في المجتمع، واعتبارهم عنصرًا فاعلاً فيه؛ إذ تختص المجالس البلدية وفق المرسوم السلطاني الجديد كذلك، باقتراح البرامج الكفيلة بمساعدة الفئات المستحقة ورعاية الأيتام وذوي الإعاقة بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة.

وأعطى المرسوم السلطاني الجديد المجالس البلدية دور المسؤول عن توعية وحث مؤسسات وشركات القطاع الخاص للمساهمة في تنمية المجتمع المحلي في المحافظة، والمشاركة في تحديد أولويات مساهماتها، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة.

وهكذا.. أصبح الآن للمجالس البلدية دور مهم، يساهم مع بقية مؤسسات الدولة وأجهزتها في تحقيق التنمية المستدامة. فهل تتم ترجمة ذلك إدارياً على أرض الواقع؟ لا سيما وأن دور المجالس البلدية لم يعد الآن محصورا في الجانب الاجتماعيّ فقط؛ بل تعداه إلى الجانب التنموي.. وهذا تساؤل يطمح الكثيرون- بل الجميع- إلى أن تكون الإجابة عنه بالإيجاب القاطع.

أستاذ القانون المدني المشارك بكلية البريمي الجامعية، وكلية الحقوق جامعة عين شمس.

تعليق عبر الفيس بوك