ولنا يا عُمان في الأنام شواهد

خليفة بن عبيد المشايخي *

* إعلامي وكاتب صحفي

khalifaalmashayiki@gmail.com

في أحايين كثيرة ينظر الهائمُ إلى وجهِ الأرض حيرانَ ينشدُ أمنا وأمانا وسكينة وسلام، ولكن هيهات، ويخشع قلبه لذكر الله يرجو فضلًا منه جل جلاله، لا يخشى معه أبدا أيَّ ملام، فينجح إن وجد ضالته، ويسيح في الأرض لاهثا تارة عن جهل، وتارة أخرى عن علم، يدفع عنه مرة بتلك عسرًا، وأخرى شدة، وثالثة ظلامًا، وتكبُر في داخله أشجان ونوايا بحجم السماء وسخاء العطاء، تحدِّثه بأنه لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس، فيهب مستنجدا بالله أن يا ربي دبر لي أمري فإني لا احسن التدبير، وسخِّر لي أقداري إلى الخير والأفضل، فإني متوسمٌ فيك دبر كل صلاة وتسبيحة وتهليل وتكبير، فتأخذه مشيئة الله إلى أن يكون بيننا في أرض السلامة والنجاة، ويبقى فيها مُشمرا عن جده وجهده حتى شهد تحولا أدهشه وتغشاه؛ فاللهم لك الحمد أن صرنا وطنًا يحوي الجميع.

لا نُبالغ إن قلنا بأننا قد مررنا -نحن العمانيين- على مر التاريخ بمحن كثيرة أفادتنا، فكانت دروسا وعظات ومنحًا، وطافت بنا الصروف والمنايا في هذه الحياة الدنيا، عبر مسارات كثيرة تجرَّعنا من خلالها مرارات وآلاما شتى.

وبفضل الله وتفهمنا ووحدتنا وتماسكنا وصحوتنا، تجاوزنا الخطوب التي ألمَّت بنا، وعبرناها بيقين ثابت في الله عز وجل بأن لا بقاء لمكروه مع التمسُّك به، ولا دوام لنكبات مع التعلق فيه سبحانه وتعالى.

يقولون إنَّ البشاشة خير من العطاء، فكيف إذا حاز المرء البشاشة والعطاء، ففعلا الأمر سيكون مدهشًا؛ فإذا تميز المخلوق بهذه الصفات، فكيف بالخالق جل جلاله، لقد شاء لنا الله تعالى أن نكون على أرض السلام والمحبة والوئام، وأراد الله لنا أن نكون من أهلها وحماتها ورجالها، فاللهم لك الحمد، فمنذ شببنا عن الطوق، عاهدنا الله قبل أن نقسم اليمين، بأن نكون حماة للوطن والحق، وحراسا أمناء على ترابه وسلطانه وسيادته وأمنه، فكنا وإن شاء الله سنظل هكذا جيلًا بعد جبل جند عُمان الأوفياء، لتبقى عمان آمنة مطمئنة شامخة عزيزة أبية.

لا يختلف اثنان على أنَّ عُمان وأهلها ما زالوا قبلة للسلام والتعايش والمحبة، فحينما أخبرنا عن ذلك من أشخاص حلُّوا ضيوف علينا، ما زادنا ذلك إلا حمدا وشكرا، فعمان أرض المحبة والتسامح والإخاء والإباء منذ القدم، فقد بنيت منذ عهود سحيقة على أسس عظيمة راسخة، وشيدت على أركان صلبة قوية وثوابت متينة باقية، فسلاطينها عظام، عظمت بهم الإرادة وكبرت، وحكماء تعاظمت بهم ومعهم ومنهم معاني الحب والولاء والوفاء والفداء والتضحية، فصرنا لا نخشى قول قائل ولا فتنة زائل، في أن يعكر صفونا شيء أو يغير من محبتنا.. فالله خير حافظ لنا.

لقد مضى مولاي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أطال الله في عمره- وقبله السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- الرجل الخالد فينا، بهذه الدولة الفتية العظيمة لتكون بلدا للقاصي والداني مُرحِّبة ومحتضنة وراعية، بلدا تُضرب به الأمثال في الأفعال والأقوال، وإليه تُشدُّ الرحال وتُسرج الهمم، فها هو مولانا حضرة صاحب الجلالة -حماه الله ورعاه- يمضي بنا معتصما بالله إلى العلياء والمجد والعزة والسؤدد، فباركك الله يا سيدي ومولاي ووفقك وسددك، وجعل النصر دائما حليفكم، والفوز أليفكم، فامضوا على بركة الله فنحن معكم، والله على ما نقول شهيد.

تعليق عبر الفيس بوك