شَيّلْنِي وأَشِيلَك..

 

د. رضية بنت سليمان الحبسية

Radhiyaalhabsi@gmail.com

 

قد يكون المصطلح غريبًا نوعًا ما، لمن يسمع عنه لأوَّلِ وهلة، وأكثر غرابة لدى من يُدرك مغزاه، حين يصدر عن شخصية إدارية أو قيادية، يُوكل إليها مهام إشرافية، والأدهى أنْ يتفوّه بها في اجتماع أو لقاء رسمي؛ مُبررًا سعيه للحصول على دعم وتعاون مع جهات ذات مصالح مؤسسية مشتركة.

إنّ ما يُشير إليه الموقف، يُمَثّل فكرًا دخيلًا على ثقافتنا العربية، ارتضاه الكثيرون؛ لما لمسوا من تحقيق مصالح مُرضية، وإنْ كانت مقابل تجاوزات بروتوكولية وإدارية مُعتمدة، كما إنّ تفشي فكر اللوبيات وتشكيل التنظيمات غير الرسمية سواءً على مستوى التنظيم الواحد، أو على مستويات تنظيمية مختلفة الأنشطة والغايات، يترك انعكاسًا وأثرًا سلبيًّا في شيوع سلوكيات العمل من تحت "الطاولة " كما يحلو للبعض أن يصفه. وبالتالي تسابق الأفراد لإثبات كفاءة وجدارة مُزَيّفة؛ لكسب ثقة وإعجاب مسؤول أعلى. وفي حالات كثيرة تكون على حساب استقصاء وسلب حقوق فئات أو جهات أكثر استحقاقًا للخدمة أو بلوغ مرتبة وظيفية أو مكانة مهنية. 

إنّ تطهير بيئات العمل من وجود فكر مسموم بقانون الغابة، والبقاء لذي الشبكات الاجتماعية المتآلفة التي تحدث في الخفاء، لا يقع بالدرجة الأولى على عاتق ومسؤولية القيادات العُليا أو المسؤول المباشر في أي تنظيم رسميّ، إنما الحاجة ماسة إلى المحاسبة الذاتية والمواجهة الشخصية مع النفس، فيما إذا كان ذلك سلوكاً يمثل شخصية يؤول إليها القدوة في الأمانة والمصداقية، أم هي تجاوزات وظيفية مغلّفة بغلاف المصالح المشتركة.

ومما لا شك فيه- إضافة لما سبق- هناك حاجة إلى مراجعة سياسة وأنظمة المؤسسات الداخلية، بما لا يفسح مجالا لجلب المنافع والمصالح للمؤسسة بطرق التوائية، تحت مظلة العلاقات العامة والتسويق، أو بحسب ما ينعتها البعض بالشَّطارة والفْهَلَويّة في مجال العمل وتسيير المهام. والتي لم تخل بأيِّ حال من الأحوال، وفي كثير من الحالات من مصالح شخصية جانبية، تحدث من خلف الستار(ما خُفي أعظم) للقائمين على عقد تلك الصفقات أو الاتفاقيات.

ختامًا: ونحن على أعتاب مرحلة مؤسسية طموحة، في ظل سياسات مُحكمة، لنهضة مُجتمعية متجددة، ضرورة حرص كل ذي علاقة على رصد وتقصيّ كافة المُمارسات التي تتم خارج نطاق الصلاحيات الوظيفية، أو مبادرات فردية غير قانونية، تتم وفق قنوات غير رسمية.  مما يُجَنّب المؤسسة والقائمين عليها خيوط الشَّك أو براثن الاتهام، في ظل المحاسبية التي يُناشد بها المواطنون، وتقوم بها الجهات الحكومية المختصة، وهي مسؤولية وطنية قبل أن تكون مسؤولية وظيفية.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك