البيوت الأثرية في طاقة.. شواهد تاريخية للهندسة المعمارية العمانية

...
...
...
...
...
...

طاقة- العمانية

تمثل البيوت الأثرية في ولاية طاقة بمحافظة ظفار شواهد تاريخية للهندسة المعمارية العمانية التي تدلّل على مختلف الجوانب الاجتماعية المرتبطة بقاطنيها؛ حيث لا تزال قائمة منذ عقود طويلة وبعضها يقطنها ساكنوها على الرغم من التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على المجتمع وانتقال معظم الأهالي الى أحياء ومخططات سكنية حديثة.

ورغم التغييرات التي حملها النمط الجديد للحياة في ولاية طاقة خلال الخمسين سنة الماضية في شتى مجالات الحياة تظل بعض الاساليب القديمة للعمران ماثلة حتى يومنا هذا، لتعرف الأجيال المتعاقبة عن حياة من سبقهم والظروف المحيطة بهم وقتها. يقول فيصل بن سالم كوفان صاحب أحد البيوت القديمة التي اشتهرت بها ولاية طاقة إن والده اشترى البيت وبه دور أرضي قبل 80 سنة ومن ثم قام بتكملة الدورين الأول والثاني، ويتكون الدور الأرضي من 4 محلات تجارية و3 دهاليز، ويتكون الدور الأول من غرفة مربعة وليوانيين بحجم طولي ومطبخ وهكذا أيضا في الدور الثاني. وأضاف كوفان أن البيت كان مأوى لكثير من الأسر، فمثلا الدهاليز الثلاثة كانت مسكنًا للضيوف العابرين، والدور الأول كان مأوى لثلاث أسر مقيمة إقامة دائمة والدور الثاني لأسرة صاحب البيت.

ومن البيوت المشهورة بالولاية بيت محمد بن علي سعيد عتيق ويقول صاحبه إن بيتهم شُيَد في فترات مختلفة حتى وصل إلى صورته الحالية ويرجع عمره إلى ما يقارب لـ150 سنة؛ حيث بني في بدايته على شكل دورين وملحق، وتم ترميمه في زمن جده سعيد بن عتيق بعد الأنواء المناخية التي تعرف محليًا (بالشلي)، فقد تهدم الجزء الجنوبي من البيت ورفض بعض البنائين المعروفين حينها العمل على إصلاح الأضرار لصعوبتها. وأضاف أنه لم يضف على البيت أي أجزاء جديدة، مما يدل على أصالة البيت؛ حيث بني بأكمله بالحجارة الجيرية المعروفة وما زالت أسقف الغرف والمرافق، كما هي من المواد المحلية (الركراك). ويعمل على إنشاء وبناء البيوت قديمًا حوالي 6 أو 7 من كبار العمال البنائين؛ حيث يقومون كذلك برفع الجدران والأسقف وهم بمثابة المهندسين في يومنا هذا، إضافة إلى معاونين يصل عددهم من 8 إلى 9 أفراد للمساعدة في حمل الطوب والطين وغيره من المواد المطلوبة للبناء.

ويتطلب عمل المنزل الواحد ما بين شهر ونصف الشهر إلى شهرين، حيث إن الدور الواحد يستغرق بناؤه شهراً واحدًا، ويفضل العاملون العمل في فصل الخريف لطول فترة النهار.

وكانت تستخدم في عملية البناء قديماً الحجارة الجيرية أو(حجر الجص) المتوفر في الولاية، كما يستخدم الطين لسد الفراغات بين الحجارة ويعتمد في عملية بناء السقف أعمدة خشبية من أشجار الميطان (نوع من الشجر ينمو في الجبل ويتميز بصلابته) وكذلك أعواد الركراك (أعواد شبيهة بالخيزران) أو "الحفوت" ويوضع فوقها سعف النارجيل وفوق السعف الطوب المبلل منعاً لتسرب الأمطار وتثبيت المكونات السابقة.

وتختلف مسميات المرافق حسب أدوار البيت، حيث يطلق على الغرفة في الدور الأرضي "دهريز" وتسمى "قصر"؛ حيث إن المسميات السابقة لا تدل على فخامة أو بساطة البناء أكثر مما تدل على الفرق في الشكل، وتتخذ شكل المستطيل في المجمل.

تعليق عبر الفيس بوك