الأغنياء أيضاً يبكون!!

 

أم كلثوم الفارسية

عبر العصور المختلفة كانت الأموال ولا زالت هي القوة والسلطة والهيبة لا أحد يستطيع مقاومة إغرائها ولذتها فالمال حلم الشباب وسعي النضج وهدف المشيب وحسرة الكهولة.

المال حلم الأحلام لا يعرف عبر التاريخ حلماً شغل البشرية كتجميع الأموال وتوفيرها والحصول عليها.. كم من حروب دامية كانت الثروة هدفها الأساس.. وكم من أمم كانت الأموال سبب زوالها المال النعمة والنقمة معاً!! قيل عنه عديل الروح وجالب السعادة وقمة الحظ!!

فلا غرابة إذا رأينا حياة شبابنا تدور حول فلك المال ..إنه فكر الخلوة وحديث المجالس لا يكاد يمر يوم بشخص منِّا إلا وقد فكر في المال كيف يحصل على المزيد منه وكيف يُحافظ عليه!!! لكن إذا كان هدفنا من المال هو تحقيق السعادة والرضا ربما كان السؤال الأنسب هل فعلاً المال هو السعادة؟ وهل الأغنياء فعلاً أكثر سعادة من غيرهم؟؟

في بحثي عن فلسفة الثراء كقيمة في حياتنا وجدت أنَّ المال مهما بلغت قيمته ليس سعادة في حد ذاته لأنَّ السعادة حالة وجدانية نحن نختارها تبعاً للأفكار والمبادئ التي تربينا عليها أن من عدل الله في الكون أننا نستطيع أن نعيش السعادة من أبسط الأمور وبأقل الإمكانيات فجمال الحياة وبهجتها لم يمنح لفريق من الناس دون غيرهم!!

ومع ذلك فهناك الكثير من الدراسات تثبت أنَّ هناك علاقة طردية بين الثراء والسعادة فكلما كنت ثريا كلما كنت سعيداً وهذه الدراسات عامة حول العالم لا تقتصر على شعب دون آخر وتفسير ذلك ربما يكون من خلال قدرة الأموال على تخفيف الآثار السلبية للاكتئاب والضغط النفسي ففي لقاء مع أحد المشاهير يقول "أفضل البكاء في سيارتي الفارهة على أن أبكي في سيارة أكل الدهر عليها وشرب!!! هو بذلك يشير إلى هذه القدرة العجيبة للمال في تخفيف الحزن فالأغنياء أيضاً يبكون لكن في بيوت أجمل وسيارات أفخم لذلك يبدون لنا أكثر سعادة وأنهم لم يشعروا بالألم في يوم ما!! والحقيقة أننا جميعاً على اختلاف طبقاتنا الاجتماعية وقدراتنا المالية نشعر بالسعادة والحزن ولكن يكون حزن الفقير مضاعفاً إذا لم يكن لديه وعي بذاته ومهارات لتحسين جودة حياته وتكون سعادة الغني بلا طعم ولا إشباع نفسي إذا كان خالياً من القيم والمبادئ لا يدري أين ينفق ماله، العبرة إذن كما تقول صاحبة منهج الثراء المالي الأستاذة مريم الدخيل "أن المال يحقق السعادة للإنسان الذي يستخدمه وفقاً لقيمه إنَّ خدمة المال لقيمنا هو ما يشعرنا بالسعادة" فلا سعادة لإنسان من غير قيم ولا أهداف سواء كان غنيا أو فقيرا!!

خلاصة القول يا صديقي نعيش نحن البسطاء 24 ساعة في يومنا وهي نفسها عدد الساعات التي يعيشها الأغنياء يعمل الأغنياء عدد ساعات مقاربة لعدد ساعات عملنا وكذلك وقت الترفيه لديهم مقارب لوقت الترفيه لدينا لكن بينما يقضي البسطاء وقتهم يحلمون بالسعادة يكون الأغنياء يصنعون السعادة فعلاً ولتعلم أيها الصديق بأن السعادة التي يشعر بها الأغنياء ليست لأن رصيدهم البنكي كبير بل لأنهم يسعون إلى تجويد أوقاتهم بالعمل الخيري والرياضة والالتحاق بدورات تزيد من مهاراتهم الشخصية وهي أمور لا علاقة لها بالمال بينما نحن البسطاء معظم أوقاتنا نقضيها في مشاهدة التلفاز  وتتبع مواقع التواصل الاجتماعي وتأدية الواجبات الاجتماعية التي تأخذ منِّا أكثر مما تعطينا لذلك هم أكثر سعادة منا!!!

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك