فاطمة الحارثية
ما هو مفهومك لمبرر "أريد أن أعيش"؟.. أجمع البعض على أن المال هدفٌ، والبعض الآخر أنَّ السلطة هي الهدف، والقليل مِمَّن أعلم عنهم لمستُ شهوةَ الخلود عندهم لا منتهى لها.. صِدقًا أيٌّ منهم أنت؟ لا تقل ثمة مداخل أخرى، فأنا لا أتفق معك في ذلك؛ لأنه بالرغم من وضعي لفئات ثلاث، إلا أنَّ الأمر كله حقيقة على وجهين لا ثالث لهما؛ مثل الخير والشر لا ثالث لهما، والجنة والنار لا ثالث لهما؛ فالظلال تبقى سوداء ولا تتحول إلى رمادية، وليس ثمَّة منطقة حياد في مجمل الحياة.
إذن، فما هي القواعد الأساسية في اللعب؟ لا أعتقد بوجود قواعد بل الدارج هو حدوث أمرين: ربح أم خسارة، والأمر يعتمد على خيارك "كيف تحسبها صح؟" وتختار مجموعة التأثير الأقوى "اللوبي"؟ والعمل على إبقاء حزبك منتصرا؟ لندع الفضائل جانبا ولنأتِ بالبينة وطبيعة ما مر به الناس عبر قرون، كان دائما ثمَّة انقسامات وكل قسم يُناصر أتباعه مثل الديمقراطيين والجمهوريين، أو الحزب اليميني والحزب اليساري، أو الكافر والمسلم، طبعا المسلم في عين الكافر كافر، والخير في عين الشر شر...وهكذا، إذن ليس ثمَّة قواعد نستطيع الجزم بها إلا إذا جانبنا جهة، وسلَّمنا لها فكرنا ومُعتقدنا وولاءنا، ولا أحد يستطيع أنْ يؤكدَ الصواب والخطأ، كلُّ الأمور خيارات نقوم بها، وعلينا تقبُّل ردود فعل وتبعات هذه الخيارات.
وفي الأعمال الاقتصادية، يقُوم البعض بقبول حلول يعلم أنَّها خاطئة، لكن ثمة سياسات طويلة المدى يعتمد عليها مثل علمه المسبق بانهيار الوضع الذي تم رسمه، ليستطيع أن يؤثر فيما بعد على الجميع لتبني وقبول حلوله وطريقته هو "سياسة الضغط والتعجيز من أجل الاستسلام والقبول"، يُقال عنها حلول الهدم من أجل البناء، وأقول انتصاره وبقاءه، وإن وقف العاقل قليلا ليُقيم أثرَّ هذه الإستراتيجيات، سيجد أنَّ مقدار الخسائر أكبر بكثير من المدد التي يمكن لحلوله أن تمكنه من ردم العجز، ولكن الكِبر الذي في نفسه مُتمكن منه، فالاختزال ليس حلًّا ولا التوسعة، وقد تكمُن اللعبة في عمليات وسطية بين وضع البيض داخل السلة، وتوزيع شامل في ذات السلة وحولها؛ بحيث لا تحصل خسائر الكسر، وأيضا صناعة التنافسية بين القدرات المختلفة؛ فالاختلاف يصنع الابتكار، وجمع وجهات النظر في مسار يأخذ من كل فكر بيدقا.
---------------------
سمو..
لم ينتفع قابيل من مقتل هابيل، بل هامَ وحيدًا منكسرًا لم يجد من يُؤنسه.. ليس من الضروري قتل عدوك بل استثمر عدم التشابُه والتناقض في صناعة لوحةٍ حقيقية، والاشتغال بما هو أهم من القضاء على بعضنا البعض.