تحرك الجيش يئد "الديمقراطية الوليدة".. ودعوات عاجلة للمصالحة

بعد "انقلاب ميانمار".. إدانات دولية ومخاوف من عودة "بورما الاضطهادية"

نايبيداو (ميانمار)- رويترز

أعلن جيش ميانمار، أمس، وضع يده على السلطة في البلاد، بانقلاب على حكومة أونج سان سو كي المنتخبة ديمقراطيا، والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والتي اعتُقلت مع زعماء آخرين من حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في مداهمات خلال الساعات الأولى من صباح الإثنين.

وبينما أفصح الجيش -في بيان متلفز- عن إنه نفَّذ اعتقالات ردا على "تزوير الانتخابات" وسلم السلطة لقائد الجيش مين أونج هلاينج وفرض حالة الطوارئ لمدة عام، طالبت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، بالإفراج عن المحتجزين. معبرة عن قلقها من القيود الداخلية التي تحد من حرية التعبير "في هذا الوقت الحرج والمخيف".

وقالت باشليه -في بيان- "أذكِّر القيادة العسكرية بأن ميانمار ملزمة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك احترام الحق في التجمع السلمي، والكف عن استخدام القوة المفرطة غير الضرورية".

ونشرت صفحة لحزب سو كي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تعليقات قالت إنها كُتبت تحسبا لوقوع انقلاب، ونقلت عن سو كي قولها إن على الناس الاحتجاج على استيلاء الجيش على السلطة.

ويعطل الانقلاب مسار سنوات من الجهود المدعومة من الغرب لإرساء الديمقراطية في ميانمار، التي كانت تعرف سابقا باسم بورما، والتي تحظى فيها الصين بنفوذ قوي.

وجاء تحرُّك الجيش قبل ساعات من موعد انعقاد البرلمان للمرة الأولى منذ الفوز الساحق لحزب الرابطة الوطنية في الانتخابات التي أجريت في الثامن من نوفمبر 2020، واعتبرت بمثابة استفتاء على الحكم الديمقراطي الوليد لسو كي.

وتعطَّلت اتصالات الهاتف والإنترنت في العاصمة نايبيداو ومدينة يانجون التجارية الرئيسية، وانقطع بث التليفزيون الرسمي بعد اعتقال زعماء حزب الرابطة الوطنية. وقال ميو نيونت المتحدث باسم الحزب لرويترز عبر الهاتف إن سو كي ورئيس ميانمار وين مينت وزعماء آخرين "اعتقلوا" في الساعات الأولى من الصباح.

ونشر عضو بالبرلمان مقطعا مصورا على فيسبوك يُظهر على ما يبدو اعتقال با با هان النائبة بالبرلمان. ويظهر زوجها في المقطع المصور وهو يتوسل لرجال في زي عسكري يقفون خارج البوابة أن يتركوها وشأنها كما يظهر طفل صغير يتشبث بصدره وينخرط في البكاء.

واتخذت القوات مواقع في يانجون حيث هرع السكان إلى الأسواق لتخزين المؤن فيما اصطف آخرون أمام ماكينات الصرف الآلي لسحب نقود. وقامت البنوك لاحقا بتعليق الخدمات بسبب ضعف الاتصال عبر الإنترنت.

وجاءت الاعتقالات بعد أيام من تصاعد التوتر بين الحكومة المدنية والجيش في أعقاب الانتخابات.

وفاز حزب سو كي بنسبة 83 في المئة من الأصوات في ثاني انتخابات فقط تجرى منذ أن وافق مجلس عسكري على تقاسم السلطة في 2011.

ونقل البيان المكتوب سلفا، والذي جرى تحميله على صفحة حزب الرابطة الوطنية على فيسبوك، عن سو كي قولها إن هذه الإجراءات ستعيد ميانمار "إلى عهد الدكتاتورية". ونسب إليها القول "أحث الناس على عدم قبول ذلك ... والاحتجاج على الانقلاب العسكري". ولم يتسن لرويترز الوصول إلى أي من مسؤولي الرابطة الوطنية للتحقق من صحة البيان.

واحتفل بعض المؤيدين للجيش بالانقلاب وطافوا في شوارع يانجون في شاحنات صغيرة ولوّحوا بالأعلام الوطنية. وقال راهب من القوميين أمام حشد في لقطات مصورة بُثت على فيسبوك "اليوم هو يوم سعادة للناس".

وعلى عكس ذلك انتاب الناشطون المؤيدون للديمقراطية حالة من الذعر. وقال وين هتاين، القيادي الكبير في حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، في منشور على فيسبوك إن استيلاء قائد الجيش على السلطة أظهر طموحه وليس قلقه بشأن البلاد. وأشار وزير الصحة ميينت هتوي في منشور إلى "تطور الوضع"، وقال إنه يتنحى. وحث زملاءه على خدمة الناس لا سيما فيما يتعلق بجائحة فيروس كورونا والتطعيمات.

نظام ديمقراطي متعدد

إلى ذلك، قال الجيش، في إيجاز لاجتماع المجلس العسكري الجديد، إن مين أونج هلاينج تعهد بممارسة "نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب ومزدهر بشكل حقيقي" ووعد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتسليم السلطة للحزب الفائز.

ولم يحدد إطارا زمنيا للانتخابات، لكن الجيش قال بالفعل إن حالة الطوارئ سوف تستمر لمدة عام.

وقادت الأمم المتحدة إدانة الانقلاب والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين وإعادة الديمقراطية في تصريحات تشابهت مع ما أدلت بها أستراليا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والهند واليابان والولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن "يجب على الجيش التراجع عن هذه الإجراءات على الفور"، بينما أصدرت السفارة الأمريكية في يانجون تحذيرا للمواطنين الأمريكيين بخصوص "احتمال حدوث اضطرابات مدنية وسياسية".

ودعت الصين كل الأطراف في ميانمار إلى احترام الدستور ودعم الاستقرار، وذلك في بيان أشار إلى الأحداث "الملحوظة" في البلاد بدلا من إدانتها صراحة.

ودعت بنجلاديش -التي تؤوي زهاء مليون نسمة من الروهينجا الذين فروا من ميانمار- إلى "السلام والاستقرار" وقالت إنها تأمل في أن تمضي عملية إعادة اللاجئين قدما.

ودعت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وميانمار من أعضائها، إلى "الحوار والمصالحة والعودة للوضع الطبيعي"، بينما في بانكوك اشتبكت الشرطة مع مجموعة من النشطاء المؤيدين للديمقراطية أمام سفارة ميانمار.

وقال مسؤول في الحكومة التايلاندية عن أحداث ميانمار إنها "شأن داخلي"، وهو نهج عدم تدخل اتبعته ماليزيا والفلبين أيضا.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة