علي بن سالم كفيتان
كان الأسبوع الماضي حافلاً بالأحداث فقد ظهر وزير الصحة مُجدداً تحت قبة مجلس الشورى ولا جديد يُمكن قوله؛ فالبيان هو البيان والوزير هو الوزير الذي يدافع عن سياسته الصحية، والأعضاء جفت حلوقهم من المطالبة بترقية الخدمات الصحية في السلطنة، وتوفير مستشفيات مرجعية مكتملة الخدمات في المُحافظات، ومعاليه لم يقتنع بما يُطرح؛ فرؤيته لم تتغير وظل كالصخرة الصماء وسط السيل الجارف من النقد للوضع الصحي المُتراجع في البلاد، فلم تُقنعه مركزية العمل الصحي وربط الجميع بمسقط.
ويرى معاليه أنَّ الذين يسافرون للعلاج في الخارج على حسابهم إما للترف أو لمُخالفة قوانين حقوق الإنسان، وهذا يعطي انطباعاً بأنَّ الأمر لم ولن يتغير في هذا القطاع الحيوي، وأن الأسطوانة القديمة لا زالت تتلى على أعضاء مجلس الشورى المغلوب على أمرهم؛ فمستشفى السلطان قابوس بصلالة مثلاً صدرت فيه عدة توجيهات سامية آخرها توجيهات مولانا جلالة السلطان المُعظم- أيده الله- أثناء مقابلته لمشايخ ظفار، ورغم ذلك يرد معاليه بكل هدوء أنَّ الشركة التي رست عليها المناقصة أفلست، والسؤال هنا: لماذا تُمنح شركة على مشارف الإفلاس مشروعا حيويا كهذا؟ وإلى اليوم لا زلنا نرقب رافعة في سماء المكان وبعد عدة أشهر تختفي ويدخل المشروع مجددًا لغرفة الإنعاش، كما قال بعض أصحاب السعادة بالتأكيد هذا يُؤثر على هيبة الدولة ومصداقية القرار.
ومن الأحداث المهمة كذلك في الأسبوع الماضي إطلالة معالي وزير الإسكان والتخطيط العمراني وتقديمه خطة وزارته للعام الحالي ورؤيتها ضمن إطار الخطة الخمسية العاشرة، وهذه سُنة حسنة كنَّا ننتظرها وسبق أن كتبنا عن أهمية إيجاد متحدثين رسميين أو مؤتمرات صحفية لأصحاب العلاقة، لتفعيل رقابة السلطة الرابعة (الصحافة)، وإطلاع المجتمع على الخطوات الواجب اتباعها من قبل كل وزارة وسياستها التي تهدف لتطبيقها. ويجب هنا أن نُشيد بهذا النهج. ولقد لفت أنظار الجميع اعتراف معاليه بتراجع الثقة في هذه الوزارة ووضعها في خانة الفساد والمطالبة بمحاسبة المتنفذين الذين استحوذوا على أراضٍ شاسعة دون وجه حق في بعض المدن الرئيسية. ولو قُسمت أملاك هؤلاء على المستحقين للصرف لكفتهم، فما هو المبرر لمنح شخص- مهما كانت وظيفته أو كان حجم ماله- مساحات بملايين الأمتار المربعة، في الوقت الذي ينازع فيه المواطن للحصول على 600 متر في وطنه ليستر عياله؟ وهل الحكومة جادة في فتح ملف لتسوية تلك التجاوزات؟ معاليه لم يوفق في الرد على أحد الصحفيين ورد بأن هؤلاء هم مواطنون فأصبح العذر أقبح من الذنب.
كانت نهاية الأسبوع حافلة أيضا مع انعقاد المؤتمر الصحفي لوزارة العمل وإذا ما أردنا الإنصاف فإنَّ العرض الذي قدمته الوزارة كان منطقياً وتبين لنا أنَّ الوزير متجانس مع طاقمه، فقد حضرت الشفافية بشكل كبير، وتم عرض أرقام سيتم استهدافها للعام الحالي، وحُددت القطاعات المستهدفة بشكل دقيق، كما إنَّ نبرة الوضوح والجدية التي قدمها معاليه وأصحاب السعادة رممت جدار الثقة الهش بين المُجتمع والوزارة، ورسمت صورة أكثر وضوحاً بعيداً عن الضبابية التي كانت تسود في الماضي. ونعتقد أنَّ معاليه قدم نفسه بشكل مثالي للمجتمع، وبين أنَّه يسيطر على الوضع تماماً، ولا يمكننا بأي حال من الأحوال الحكم على الفلسفة الجديدة لوزارة العمل، إلا بعد أن نرى ما تحققه على أرض الواقع؛ فإذا تمَّ الوفاء بسقف التوظيف الذي وعدت به- وهو نصف عدد الباحثين عن العمل المسجلين هذا العام- فسوف نرفع القبعة لهم في نهاية العام، فهذا وقت قصير نسبياً مقابل إنجاز غير مسبوق في ظل الركود الاقتصادي الحالي. لكننا نثق بما تم الحديث عنه ونرى أهمية الصبر والمتابعة والحكم لاحقاً. لكني تمنيت ألا يطلق سعادة وكيل الوزارة مصطلح "حزب الكنبة"، فقد أفسد العرض القوي للوزارة وعاد للغة يفترض أنها شيء من الماضي.
في الختام.. نتوقع أنَّ البيانات الوزارية المقدمة لمجلس الشورى والمناقشات التي تتم يجب أن تأخذ أسلوباً آخر غير الشد والجذب والاتهام بالتقصير والنفي، لتكون عبر انتهاج نمط حضاري جديد يحس من خلاله المواطن بأن الوضع تغير. ونعتقد أنَّه من الأهمية بمكان أن تحفظ الحكومة لمجلس الشورى ماء الوجه؛ فإظهاره بهذا الضعف أمام الوزراء يُعطي صورة غير إيجابية لمسيرة الشورى. لقد قدمت وزارتا الإسكان والعمل خطتيهما بشكل مهني ولديهما رؤية واضحة ومُعلنة، وعلينا منحهما الفرصة الكافية والحكم عليهما، في ضوء ما سيتمَّ إنجازه نهاية العام.