برقيَّة عاجلة للجنة العُليا

 

د. خالد بن علي الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

جاءتْ الأوامر السامية من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بتشكيل اللجنة العليا لمتابعة التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، وبهذا تكون اللجنة لها الصلاحيات الكاملة وقراراتها نافذة على الجميع، وقد أصدرت اللجنة قرارات حاسمة ومصيرية وقوية في جوانب مختلفة، إلا أنها لم تتخذ ما نأمله من قرارات في جوانب أخرى، ومن بين هذه القرارات القرار الذي يخص المؤجر والمستأجر وفئة المستثمرين.

لقد نظَّمت القوانين السابقة العمل التجاري بمختلف أنواعه، ومن بينها العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وأعطت كل طرف حقه حسب ما يقتضيه القانون، ولكن لم يكن هناك قانون خاص بحالات الطوارئ طويلة الأمد مثلما حدث في زمن كورونا؛ حيث أمرت اللجنة العليا في فترة من الفترات بغلق العديد من الأنشطة التجارية والصناعية والاقتصادية، وكان أمرها نافذًا، واستجاب أصحاب هذه الأنشطة للقرار، وأغلقت بعض الأنشطة لأكثر من 8 أشهر مُتواصلة مما تراكمت خلالها الإيجارات بمبالغ كبيرة لم يتمكن صاحب المشروع من الوفاء بها نظراً للغلق التام لمنشأته، وفي الوقت ذاته لم توجِّه اللجنة العليا أصحاب هذه العقارات بإعفاء المستأجرين من الإيجارات في فترة الغلق التام، وإنما تركت الخيار لهم إذا أرادوا ذلك، وما أراه أن القرار كان يؤمل أن يكون حاسما بما أن الغلق جاء بأمر من الحكومة، ولا دخل لأصحاب الأنشطة في ذلك؛ لذا كان على الحكومة أيضا حث المؤجرين على تأجيل أو تخفيف أو حتى إسقاط الالتزامات الشهرية المترتبة على هذا الغلق، كما وجَّهت الحكومة مشكورة البنك المركزي العماني لمخاطبة المصارف في السلطنة بترحيل الأقساط الشهرية عن المتضررين لمدة 6 أشهر، وتم تمديدها لستة أشهر أخرى نظراً للوضع الصحي في البلاد.

ويُحسب لأصحاب الأنشطة التزامهم بالتوقف الصادر عن اللجنة العليا، رغم أنَّ هذا التوقف تسبَّب في تعثر كثير منهم، وأدخلهم في حسابات صعبة، وفشل مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغير، كما ضجت المحاكم بالقضايا الخاصة بالإيجارات بين المؤجر والمستأجر والمستثمرين على حد سواء؛ وذلك لأنَّ اللجنة العُليا لم تحسم أمرهم بقرار يساعد من أغلقت منشأته فيما يتعلق بدفع الإيجار خلال تلك الفترة.

في هذا الخصوص، يُخبرني أحدهم بأنه يستثمر في عدد من قاعات الأفراح، وعليه دفع مستحقات شهرية تقدَّر تقريبا بـ10 آلاف ريال شهريا، بينما توقف هذا النشاط من شهر مارس وفتح بشكل جزئي في شهر ديسمبر، أي أنَّه توقف 11 شهرا عن العمل، ويترتب عليه دفع 110 آلاف ريال عماني، بالله عليكم من أين سيوفر هذا المبلغ الكبير وهو متوقف عن العمل لدواعي الجائحة والإجراءات الاحترازية، وفي نفس الوقت لا يُوجد قانون خاص بالاستثمار يُعالج هذه القضية الشائكة، ولا توجد رحمة عند البعض من المؤجرين وملاك العقارات المستثمرة.

ومن خلال هذا المنبر، نُرسل برقية عاجلة إلى اللجنة العليا الموقرة لكي تدعم هؤلاء الأشخاص؛ فالكثيرون يُواجهون خطر السجن، وآخرون يستغيثون من خلف القضبان، وبعضهم في المحاكم ينتظرون المخرج والسبيل، ومنهم أيضا من أشهر إفلاسه ويواجهون شيكات راجعة وقروضا بنكية متعثرة.. إنهم لا يطالبون بدعمهم ماليًّا نتيجة الغلق التام، بالقدر الذي يُطالبون فيه بحمايتهم من تبعات هذا الغلق التام، ومطالبتهم بمبالغ مالية؛ فهم في الأساس التزموا بقرارات الجهات المعنية، ولم يغلقوا بمحض إرادتهم، وكلِّي أمل وثقة في أن رعاية الدولة وحمايتها لأصحاب الأعمال الذين تعثروا بسبب الجائحة، تتساوى مع رعاية وحماية المجتمع من مخاطر الوباء؛ فالجميع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، كما أكد على ذلك النظام الأساسي للدولة.. والله من وراء القصد.