ارتفاع تدريجي لمخصصات البحث العلمي من الناتج المحلي ليصل إلى 2% بحلول 2040

الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي تستهدف توطين التقنيات الحديثة وتوظيف الابتكار لدعم النمو الاقتصادي

مسقط- العمانية

تستهل السلطنة اعتبارا من خطة التنمية الخمسية العاشرة الحالية 2021 ـ 2025 تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040، التي تأتي في مرحلة مهمة من نهضتها المتجددة، وبدعم سام من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي أكد أهمية المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم للاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاع الحيوي.

وقالت الدكتورة جميلة بنت علي الهنائية مديرة مشروع الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 إن تطبيق هذه الاستراتيجية سيكون تطبيقا مرحليا والبناء على البرامج والجهود السابقة مع توجيه مسارها الاستراتيجي، ليتواكب مع متطلبات المرحلة القادمة، ومع رؤية "عمان 2040"، بخططها التنموية الخمسية الأربع، والتركيز على المبادرات المتعلقة بالاستثمار طويل الأمد والتي تبدأ ببداية فترة التنفيذ وتستمر على مدى تلك الخطط الخمسية؛ حيث تشمل تلك المبادرات مراكز التميز المتعددة التخصصات وبرنامج نقل وتوطين التقانة، كما إنه سيتم التركيز في المراحل الأولى على وضع خطة إشراك الفاعلين، وأخرى لتهيئة المؤسسات لدعم تنفيذ هذه الاستراتيجية مع ضمان وجود رفد مستمر لتنفيذ الخطط والبرامج ووجود دورات من التقييم المنهجي. وأوضحت- في تصريح لوكالة الأنباء العمانية- أن الاستراتيجية تمت صياغتها من منظور المعرفة من أجل التنمية وهي ترتكز على تعزيز دور البحث العلمي والتطوير في التحول إلى مجتمع واقتصاد المعرفة وبما يسهم في تحقيق أهداف رؤية عمان 2040 وكذلك جهود التنمية الشاملة في السلطنة، مشيرة أن "الرؤية جاءت لتؤكد على بحث علمي يقود إلى مجتمع معرفي وقدرات وطنية منافسة، وتؤكد رسالتها على توضيح البحث العلمي والتطوير للمساهمة في تحقيق هذه الرؤية وبما يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة".

وأكدت أن تنفيذ الاستراتيجية يأتي في مرحلة بناء مختلفة وهي مرحلة تحقيق المكاسب السريعة، ومن الأهمية إيلاء بناء القيادات الفنية والتقنية الشابة التي ستقود المراكز البحثية الكبيرة ومؤسسات البحث العلمي، الاهتمام الأكبر خاصة في هذه المرحلة وهو ما نحتاج إلى التركيز عليه بشكل كبير والدعامة الأساسية لمستقبل وضعنا أسسه في وقت تشكل مبادرات برنامج نقل وتوطين التكنولوجيا وتعزيز الصناعة وتعزيز دور البحث العلمي استثمارا طويل الأمد سيعمل على دعم وتأهيل تلك القيادات التقنية.

وأكدت الدكتورة جميلة الهنائية "أن خطة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040 تقوم على التكامل بين إنتاج وتوظيف المعرفة من جهة ومن جهةٍ أخرى تعزيز البيئات التمكينية لها بناءً على مقاربة أساسها تنمية الإنسان وقوامها المعرفة والتقانة والابتكار والتجديد، وذلك على ثلاثة مستويات، أولاً المستوى التنظيمي الذي يؤكد على ضرورة دعم منظومة البحث العلمي والتطوير لإنتاج المعرفة وتعزيز التمويل كضرورة مركزية ولامركزية في نفس الوقت، أما على مستوى الأداء الفعلي فيجب تحقيق التكامل التخصصي بين البحوث الأساسية والتطبيقية، وتبني مسارات جديدة لنقل وتوطين التقنيات، وثالثاً على المستوى القيمي فإنه من الضروري تكريس أخلاقيات البحث العلمي والتطوير ورفع الوعي بأهمية الفهم الواعي بدور المعرفة كدعامة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي".

وقالت إن "الاستراتيجية أكدت على محور بناء القدرات في حزم المبادرات المقترحة انطلاقا من أن الشباب هم الثروة الحقيقية التي يمكن استثمارها لدعم الأصول المعرفية وتعزيز القيمة المضافة لرأس المال الفكري، وشمل ذلك المحور بناء القدرات الفنية وكذلك تطوير الموارد البشرية على مستوى القيادات التقنية لرفع تنافسية القدرات الوطنية في المشهد العلمي والمعرفي، ودعم الباحثين الناشئين بدءًا من مرحلة الدراسات العليا مرورًا بمرحلة ما بعد الدكتوراه وصولاً إلى بدايات مسيرتهم المهنية، من خلال تزويدهم بالتدريب عالي الجودة في المجالات التقنية مثل التقنيات المصاحبة للثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وسلسلة الكتل والتكنولوجيا الحيوية، وكذلك في التخصصات الاستراتيجية الأخرى مع التركيز على التدريب العملي لاكتساب الخبرة البحثية والإدارية معاً لتسلم أدوارٍ قيادية في المسيرة البحثية والعلمية".

وأوضحت أن "الاستراتيجية وضعت مجموعة من القيم الداعمة لتنفيذ خططها وبرامجها، وتشمل الجودة والتميز في تحقيق الأهداف، والشفافية والمهنية في تنفيذ الخطط والبرامج، والتكامل والشراكة والتركيز على إبراز التأثير الاقتصادي والاجتماعي للجهود البحثية ولتوظيف المخزون المعرفي والفكري، وعرَفَتْ الاستراتيجية ثلاث مجموعات من الأولوية الوطنية التي سوف يتم التركيز عليها خلال المرحلة القادمة ويأتي في الأساس الأولويات البحثية المنسجمة مع رؤية عمان 2040 والخطط التنموية وكذلك الخطط الخمسية حيث تمت مواءمة هذه الأولويات مع الاحتياجات القطاعية"، مشيرة إلى أنه تم أيضا القيام "بتعريف مجموعة من حزم المواضيع التخصصية التي تتميز بأنها ذات شركاء متعددين وتمس الأولويات الوطنية، وتشمل ثلاث حزم تضم التمكين الاقتصادي والاجتماعي، والأمن الغذائي وترابطه مع الأمن المائي، وأمن الطاقة ورأس المال الفكري والثراء المعرفي، وهناك أيضا مجموعة المواضيع الناشئة التي توفر بُعد الاستباقية والجاهزية وكذلك مواكبة المستجدات العالمية.

وأوضحت أن الاستراتيجية اقترحت تخصيص نسبة معينة من الناتج المحلي لتمويل أنشطة البحث العلمي والتطوير بحيث تبدأ بـ0.5% في عام 2021م وترتفع تدريجيا حتى تصل إلى نسبة 2% بحلول عام 2040م، واقترحت أن يكون هذا التمويل تشاركيا بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص بنسبة 30% إلى 70%، ووضعت الخطة التنفيذية أيضا تقديرات للاعتمادات المالية المخصصة لدعم الأنشطة البحثية والابتكارية بحيث تضمن التنفيذ المرحلي لهذه البرامج عبر ثلاثة مسارات استراتيجية تتمثل في مسار تحقيق المكاسب السريعة ويليها الاستثمار متوسط الأمد ثم الاستثمار طويل الأمد.

تعليق عبر الفيس بوك