إرادة حكيمة ونظرة سعيدة

 

سُعاد بنت سرور البلوشية

وضع حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاماً عالياً للبحث العلمي والابتكار؛ حيث أقره جلالته رعاه الله ركيزة أساسية وأولوية وطنية أولى في رؤية عُمان 2040، التي تشرفت برئاسة جلالته والعمل على بلورتها تحت توجيهاته الكريمة، إيماناً من جلالته أيده الله بالطاقات العُمانية، وأن البحث العلمي والابتكار والتطوير هو الوسيلة المثلى للوصول بوطننا الغالي إلى ذرى المجد وقمم التَّقدم والعلياء بين شعوب العالم، ونقل السلطنة إلى عصر الاقتصاد المعرفي والثورة الصناعية الرابعة.

ورسخ جلالته -حفظه الله- هذا النهج في أول خطاب سامٍ للشعب يوم 23 /2 /2020، حيث قال: "إن الاهتمام بقطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته، وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار، سيكون في سلم أولوياتنا الوطنية، وسنمده بكافة أسباب التمكين باعتباره الأساس الذي من خلاله سيتمكن أبناؤنا من الإسهام في بناء متطلبات المرحلة المقبلة".

ووضعت المراسيم السلطانية السامية هذه الإرادة الحكيمة في موضع التنفيذ للعمل عليها من المسؤولين والمشتركين، حيث صدر المرسوم السلطاني السامي رقم 98/ 2020 بتاريخ 19/ 08/ 2020 بدمج قطاع البحث العلمي والابتكار مع قطاع التعليم العالي بالسلطنة تحت مظلة واحدة تحمل مسمى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لتتولى مهام تبني استراتيجيات وطنية واضحة المعالم في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بالإضافة إلى التصنيع والنمذجة والتدريب وإعادة التأهيل المهني، وتفعيل المسار الهادف في تمكين مختلف مخرجات التعليم العالي بالقدرات والإمكانيات التي تؤهلهم لتحقيق التنويع الاقتصادي وريادة الأعمال ونشر البحوث والأوراق العلمية، ورفد السوق بشركات ناشئة صغيرة ومتوسطة قائمة على اقتصاد المعرفة والتقدم التقني، وصولاً إلى رفاه اجتماعي وتنمية مُستدامة.

وإذ تتعاظم أهمية العلم والمعرفة يوماً بعد آخر، فإنَّ الاستفادة من أنشطة البحث العلمي والابتكار والتطوير والمحاكاة، واغتنام فرص الإتيان بحلول علمية للتحديات التي تواجه الفرد والمجتمع المحلي، وتشجيع الثروات البشرية على نقل المعارف وتبادلها، وتوفير البيئات التي تساعدهم على تحويل الأفكار إلى مُنتجات ملموسة ذات قيمة وفائدة إيجابية، أبرز تطلعات المرحلة المستجدة من العهد السعيد، في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم من حولنا.

كما إنَّ دعم وتمويل المشاريع المبتكرة والمبنية على البحث العلمي والتطوير، كقطاع واعد لإيجاد وظائف لأعداد كبيرة من الشباب الخريجين أصحاب المؤهلات العلمية المتخصصة، واستحداث مسرعات وحاضنات الأعمال بمقومات ومرافق مُتكاملة، وإنشاء المراكز البحثية والمختبرات، لبناء القدرات وترقية النماذج الأولية المبتكرة لإنجاحها وتشجيع نموها، خطوة ضرورية وجوهرية لتحقيق التقدم العلمي والصناعي المتعلق بالابتكار.

عليه فإنَّ الوقت قد حان للتركيز على البحث العلمي والابتكار في منظومة التعليم العالي ومواءمته مع احتياجات السوق، لتوليد شركات جديدة أساسها البحث والابتكار والتطوير، والاستغلال الأمثل للمعارف والبيانات والمعلومات، ولعله من المتوقع أن يُؤدي هذا الدمج بين التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إلى استخدام موارد هذه القطاعات الحيوية بشكل أكثر سرعة وفاعلية، لتحقيق التشابك المنشود والتفكير بطريقة جماعية تعزز من فرص التنمية المتوقعة والشاملة للعهد السعيد تحت ظل القيادة الرشيدة.

تعليق عبر الفيس بوك