قطار التعليم في مراكز محو الأمية

 

أسماء بنت غابش الخروصية

نعم.. إنَّه القطار الذي عاد إلى مساره، في فهم العلم الذي لا يعترف بالعمر ولا بالحدود. كيف لا وكلُّ الرسالات السماوية منذ الأزل حثَّت ورغَّبت في طلبه. حتى جاءت المعجزة الخالدة فكانت كلمة "اقرأ" هي مشعل الهداية، وآيات القرآن الكريم أضاءت الكون وأشعلت جذوة علمه كلمة "اقرأ" في الحياة إلى الروح. وها هو خاتم المرسلين حثَّ على طلب العلم، وذكرته السنة الشريفة في أكثر من موضع. عن أنس ابن مالك قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، إلى جانب أنَّ السنة النبوية ذكرت مواقف كثيرة تحث على العلم والتعلم.

وها نحنُ في هذ البلد الطيب سلطنتنا الحبيبة التي أوجدت العلماء فبمختلف العصور والأزمان.

وكانتْ البيئة الخصبة لتشجيع العلم وطلابه، وكانت الحضارة التي سطرتها كتب التاريخ، وكان لباني عُمان الحديثة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- الفضل بعد الله تعالى في إعادة البوصلة الى مسارها الصحيح؛ حيث نادَى صوت النهضة في الأرجاء: "سنعلِّم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر"، فانتشر العلم والنور في كل أرجاء الوطن في السهل والجبل.

دعنا نعرِّج ولو قليلا إلى تواجد مراكز محو الأمية وتعليم الكبار التي انتشرت جنبا إلى جنب مع المدارس الحكومية في كل المحافظات من العام 1974م مواكبة في تعليم من فاته قطار التعليم، وكان في هذه الفترة فصول محو الامية صفيْن، ثم الانتقال إلى صفوف الخامس والسادس ومواصلة المشوار من مرحلة لأخرى في نظام التعليم المسائي، ثم تغيرت المنظومة إلى ثلاثة فصول في محو الأمية، ومن ثم الانتقال بعد تحرره إلى الصف السابع في نظام تعليم الكبار، والدراسة الحرة التى تقوم على التسجيل وحضور الاختبارات.

وهذا العام سنصفه بالاستثنائية في المكان والزمان بسبب الجائحة التي كانت كجدار حائل عن مواصلة المشوار الدراسي لمحو أميتيْن؛ لذلك ستكون الاحتفالية عن بُعد بهذا اليوم المخصص للاحتفاء بهذه الفئة الغالية في هذا اليوم الثامن من يناير كل عام. وهو ما أطلق عليه "اليوم العربي لمحو الأمية".

هنا.. تتجسد استثنائية غالية لأمهات غاليات ودارسات تسعين لمحو أميتهن جاهدات في رسم حرف وكتابة كلمة للعبور بها إلى بوتقة الحياة. وحفظ آيات وسور من القرآن الكريم. والمهم عند الدارسات إيجاد المكان الملائم لهن لتلقي النور والعلم الذي أضحى شعاعا يحررهن من الأمية. وكان الوفاء لذلك الكرسي الدراسي حاضرا لبرهنة قدراتهن رغم كبر السن. ولكن هن على استعداد للتجاوز والالتزام الاحترازي. شيء يقدر لهن بذكر مدى طموحهن، وأنْ يكُن قدر المسؤولية، وهُن بالفعل قدر المسؤولية في تربية الأجيال التربية الحسنة.

رغم البعد والتباعد بسبب الجائحة لن ننسى الاحتفاء بهذا اليوم الذي يحتفي ويحتفل به العالم العربي بأكمله فرحة بكل دارسة سعت لمحو أميتها، ومواصلة طريق النور في دراستها وتعلمها. وسنبعثُ رسالة شكر وعرفان مغلفة بباقة ورد لنماذج كثر لهن دور بارز في محو أميتهن وواصلن السعى في هذا الجانب من مشوار العلم والنور، ونلن أعلى الشهادات. ضاربات أروع الأمثلة بأن العلم والتعلم لا يتوقَّف عند حد معين من العمر طالما سنحت لهن الفرصة.

نصف المجمتع هي فعلا، وهي الجناح الآخر للمجتمع، وعندما تُعطَى جل الاهتمام في تعليمها تجدها ركيزة أساسية في بيتها في تربية من هم سواعد للوطن وبناة الغد.

مدارسنا تكرس جهدا وتخصص جانبا من برامجها للاحتفال باليوم العربي لمحو الامية، وتبرهن على مدى حرصها على المشاركة في محو الأمية كظاهرة صحية لمجتمع واعٍ يسعى للتقدم والازدهار في ظل نهضة متجددة.

تعليق عبر الفيس بوك