هل تدفع الأم العاملة ضريبة طموحاتها؟

 

ناهدة المسكرية

دقَّ صوت منبه الهاتف في تمام الساعة الرابعةِ والنِّصف صباحاً، تُهرَع الأم لأداء صلاة الفجر، ومن ثمَّ تبدأ بتحضير وجبات الأطفال والزوج، قبل أن توقظ الأطفال للاستعداد للذهاب إلى المدرسة، وفي أثناء ذلك يطل الزوج بهندامه المُرتب مودعاً عائلته الجميلة ليذهب إلى العمل وفي حوزته كوب القهوة الساخن .

ما زال أمام الأم الاستعداد وتوصيل الأولاد للمدرسة، قبل أن تصل مسرعة إلى مقر عملها وهي تلهث متمنية ألا تكون قد تأخرت على جهاز البصمة.

تبدأ العمل والهاتف لا يُبارح يدها فهي قلقة على أحد صغارها بدت عليه عوارض الإعياء، تكمل عملها وتدخل في اجتماعات عديدة طيلة الصباح قبل أن تتلقى الاتصال من المدرسة ليطلبوا منها الحضور لاصطحاب طفلها المريض، توضع الأم العاملة في موقف مُحرج فهي مطالبة بعرض الميزانية على الإدارة التنفيذية بعد دقائق.

وتأتي إجازة نهاية الأسبوع وتبدأ رحلة جديدة من جدول الأعمال المزدحم، فهي مُطالبة بمراجعة الدروس للصغار إلى تأدية الواجبات الاجتماعية، ناهيك عن ترفيه الأطفال والعائلة وتحضير الوجبات اللذيذة .

وعلى نقيض بعض الأزواج الذين يقضون إجازاتهم السنوية في الاسترخاء والترفيه، تحسب الأم العاملة إجازاتها بدقة متناهية، فهي إذا ما أخذت إجازتها السنوية - أو ما بقي منها - بعد صرفها في تخليص وتصريف أمور عائلتها الصغيرة والكبيرة، من متابعات للأطفال في المدارس أو المستشفيات أو حتى حضور المناسبات الاجتماعية. تدخل الأم العاملة في دوامة الأعمال المنزلية المؤجلة، وهنا تنتهي معظم إجازات الأم السنوية دون أن ترفه عن نفسها، وفي المُقابل يقضي بعض الآباء إجازاتهم في الاستجمام ما بين السهر، والرحلات  الداخلية، والسفر .

قد يكون هذا المشهد جزءًا يسيرًا من حياة الأم العاملة في عالمنا العربي، حيث يقع على عاتق الأم مسؤوليات جمَّة وتحديات تضعها بمواقف صعبة تتسبب بشعورها بالإحباط تارة وبالإرهاق تارة أخرى. فتدخل الأم في دوامة الشعور بالذنب والتقصير المُستمر، ومقارنة نفسها بأقرانها من ربات البيوت المتفرغات لتربية أطفالهن، ولا ننكر أنَّ المجتمع أعطى للمرأة من حقوقها ما يجعلها ندا للرجل، لكن هذا الشيء زاد من أعبائها ومسؤولياتها، ولابد أن نشير إلى عدم التعميم والتقليل من دور الأب الأساسي في إدارة شؤون الأسرة والمشاركة الفاعلة في تربية الأطفال، لكن الواقع الحالي في مجتمعاتنا  يحتم عليَّ تسليط الضوء على معاناة بعض النساء العاملات من وجهة نظري المتواضعة وإن اختلف البعض معي في هذ الطرح.

 فهل على الأم العاملة دفع ضريبة طموحها المتواضع في العمل والمشاركة في تحسين دخل الأسرة؟ أترك للقراء الكرام التعليق.!

 

تعليق عبر الفيس بوك