الابتكار المؤسسي بشرطة عُمان السلطانية

 

سُعاد بنت سرور البلوشية
اقتنصت العديد من الجهات الخدمية الحكومية فرص توافر مزايا ثورة الاتصالات الرقمية، لتمكين الخدمات المُبتكرة القادرة على مُواكبة التطورات خاصة في أوقات الأزمات، فثمَّة مؤسسات وسط موجة التأثيرات التي أوجدها انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 حول العالم بشكل عام والسلطنة بشكل خاص، استطاعت تجاوز المحنة بتبعات قد لا تذكر، وتمكنت من خلال تخصيص برامج ومنصات ومواقع وبوابات إلكترونية من تقديم خدماتها وفقاً لمعايير عالمية معمول بها حول العالم، والتي حمتها من براثن الوقوع في غياب الخدمة أو توقفها.
الأمر الذي يعكس مسايرة مختلف التغيرات المحلية والعالمية، وأهمية إعادة النظر باستمرار في أساليب وطرق إنجاز العمل، وآليات تقديم الخدمات للمراجعين المواطنين والمقيمين المستفيدين من هذه الإجراءات، الراغبة في توفير الوقت والجهد على الجمهور المستهدف في تخليص معاملاته على تفاوت مراحلها، والتفاعل بإيجابية وسرعة مهنية ترتقي بجودة الأعمال حتى أثناء الأزمات، وخير مثال على ذلك كله ما تقوم به شرطة عُمان السلطانية عبر جهودها المختلفة.
فالاستثمار المعرفي والتقني للابتكار والتطوير حاضر في معظم -إن لم يكن كُل- الخدمات الشرطية التي تنضوي تحت مظلة هذا القطاع المُهم، الذي حرص طوال السنوات الماضية على مُضاعفة جهود تسخير الإمكانات المادية وتمكين وتأهيل الثروات البشرية اللازمة، وتوفير كافة الاحتياجات التقنية والفنية في مختلف محافظات ومناطق السلطنة، مع شبكة لقاعدة معلوماتية تضم أرقام وإحصاءات جميع أفراد المجتمع وعلى تفاوت بياناته وخصائصه الديموغرافية.  
ولقد عكس تبني هذا القطاع الحيوي لمستحدثات التقنيات الاتصالية المتقدمة، عكَسَ التخطيط الاستراتيجي والناجح لمواجهة الكوارث، والاستعداد المسبق بتوفير ممكنات حقيقية للتحول الرقمي، وتشجيع التعامل مع الابتكار المؤسسي والإبداع الفردي، فتمَّ تفعيل كافة التطبيقات الإلكترونية المتوفرة وربطها بالشبكة الرئيسية، كوسيلة سهلة ومثلى أمكن من خلالها إنجاز المعاملات والاستجابة الفورية عبر الهواتف الذكية على سبيل المثال، وكذلك الحواسيب الآلية بالمنازل أو المكاتب.
فحين توقفت بعض المؤسسات عن تقديم الخدمات، فرضت شرطة عُمان السلطانية حضورها بتحقيق أهداف الاستدامة المُتوخاة منها، وتأكيد مبادئ التقدم العلمي بتوظيف العلم والتقنية في عملية التنمية، وإتاحة الفرصة للجميع للاستفادة من مقومات البنية الأساسية لتلبية الاحتياجات الذاتية والمجتمعية التي جاءت متوافقة مع الواقع آنذاك.
إنَّ مثل هذه التوجهات التي عملت عليها شرطة عُمان السلطانية، تُعد أحد آليات وضع السلطنة في مصاف الدول المتقدمة علمياً، ضمن أهداف ضمنية أهمها الانتقال من العمل التقليدي إلى العمل عن بُعد، والاستغناء عن فكرة وشرط التواجد في مكان معين وبوقت محدد لتقديم الخدمة، فالثورة الصناعية الرابعة وما أفرزته من مخرجات، فسحت المجال واسعاً أمام جميع المؤسسات الحكومية والخاصة وكذلك الأهلية والمجتمع المدني للولوج في هذا العالم والنهل من بحره، بما يخدم الأولويات الوطنية، ومع ذلك نقول بأنَّ مواكبة التطورات العالمية وتداعيات ثورة تقنية المعلومات ونظم الاتصالات مسألة لا تعني المؤسسات أو الأفراد حالياً وإنما هي جوهر يخص الأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن، ينبغي على الجميع أخذه في الحسبان بما فيها الأزمات وكيفية استغلال التقنيات عند حدوثها.

 

تعليق عبر الفيس بوك