2020 يسدل ستاره على "تعقيدات" دبلوماسبة وعسكرية "بالغة"

"نقطة اللا عودة".. خيارات محدودة لـ"الهدوء النزاعي" بين الهند والصين

ترجمة - الرؤية

قال تقريرٌ نشرته صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية، إنَّ العام 2020 يمثل نقطة اللا عودة بالنسبة لبكين ونيودلهي؛ إذ لم تُظهر القوات الصينية أي ميل للتراجع عن المواقع التي احتلتها على طول خط السيطرة الفعلية الذي يقسِّم الأراضي التي تسيطر عليها الهند والصين في منطقة لاداخ، منذ أبريل الماضي، بينما تحشد الهند في المقابل قواتها على الحدود المتنازع عليها؛ حيث تطالب نيودلهي باستعادة الوضع السابق بشكل شامل.. وبين هذا وذاك، فشلت عدة جولات من المحادثات العسكرية والدبلوماسية في تحقيق أي نتائج؛ مما يؤكد المخاطر الكبيرة لكلا الجانبين.

وفي محاولتها لإعادة رسم خط السيطرة الفعلية من جانب واحد هذا العام لصالحها، انتهى الأمر ببكين إلى تجاهل المبادئ الأساسية لجميع الاتفاقيات التي وقَّعتها مع الهند منذ العام 1993 للحفاظ على الحدود سلمية. فسلوكها سيغير حتما مسار العلاقة الصينية-الهندية، التي قامت على أساس فهم أنَّه حتى مع بقاء مسائل الحدود دون حل، يمكن للبلدين المضي قدمًا في مجالات أخرى من المشاركة العالمية والإقليمية والثنائية، إلا أنَّ هذا المبدأ الأساسي مقوض بشكل خطير اليوم.

ولطالما كانت الصين هي الطرف المهيمن على طول الحدود، وهو ما يُمكنها من الاستمرار في واجهة دعم السلام والهدوء. وفي الواقع، فإنَّ تأكيد الهند على مصالحها في المنطقة في السنوات القليلة الماضية هو الذي ظهر كنقطة شائكة. وتجري عسكرة خط السيطرة الفعلية بوتيرة غير مسبوقة اليوم، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن البنية التحتية الهندية في حالة أفضل بكثير، وأن الدوريات الهندية أكثر فاعلية، فالجيش الهندي لديه الآن وجود في المناطق التي لم يكن الجيش الصيني معتادًا على رؤيتها عليه، كما أنَّ الهند مستعدة الآن لمواجهة العدوان الصيني وجهاً لوجه، وبالتالي الاستعداد لحدود أكثر تقلباً.

ورجح التقرير أنه وفي حال لم يتم العثور على حل دائم لمشكلة الحدود، فإن الاضطرابات الأكبر على طول خط السيطرة الفعلية ستظل الوضع الطبيعي الجديد.

ولكم كانت السياسة الخارجية الهندية في مقدمة ومركز تحدِّي التصاميم العالمية للصين، فنيودلهي كانت أول دولة تحذر العالم من مخاطر مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI) في وقت كانت فيه كل دولة أخرى تقريبًا على استعداد للاقتناع برواية بكين بأن المشروع كان يهدف لتحفيز تطوير البنية التحتية العالمية، بدلاً من تعزيزها لإثراء الشركات الصينية.

وخلص تقرير "فورين بوليسي" إلى أنَّه وبهذه الطريقة اختارت الصين وسيلة القوة الفظة، على أمل أن تعلم الهند درسًا. والحقيقة هي أنَّ الإجراءات الصينية أدت لإحداث تأثير معاكس تمامًا. حيث أصبح الرأي العام الهندي -الذي كان سلبيًّا بالفعل تجاه الصين- معادياً للصين بقوة أكبر. فمن كانوا يتحدثون في الهند عن الحفاظ على مسافة متساوية من الصين والولايات المتحدة يجدون اليوم صعوبة في الحفاظ على هذا الموقف، وأصبحت نيودلهي أكثر حرية في اتخاذ خيارات سياسية، إستراتيجية واقتصادية، معادية للصين؛ أبرزها: تقليل الاعتماد التجاري على الصين في القطاعات الإستراتيجية الرئيسية، وعزل القطاعات الحيوية عن دخول الصين إلى حشد الدعم العالمي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي.

ولا يُعد أي من هذه الخيارات مجانيًا للهند، إلا أنَّ تصرفات الصين ضمنت أن الهند اليوم مستعدة لتحمل هذه التكاليف؛ فقد أوضحت ردود الهند العسكرية والدبلوماسية على العدوان الصيني أن نيودلهي لا تخلو من الخيارات ولا تتحفظ في اختيارها.. ومن ثمَّ فإن الصين اليوم مطالبة باتخاذ قرارها بشأن ما إذا كانت تريد عدوًا دائمًا في الهند أو بلدًا مجاورًا يمكنها التعامل معه.

وأيا ما كان الخيار الذي تقرره بكين، فإنها ستحدد المشهد الإستراتيجي لمنطقة المحيطين الهندي والهادي في عام 2021.

تعليق عبر الفيس بوك