‏السياحة.. اقتصاد حُر يكره القيود

 

د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي

‏لعقود.. والسلطنة تسعى لفتح أبوابها للسياح من شتى أصقاع العالم، على أمل أن تكون السلطنة الوجهة المفضلة لديهم.

إنَّ ‏الانفتاحَ السياحيَّ مع الحفاظ على الأصالة والخصوصية العمانية أمران أساسيان، ولكن نُلاحظ أن هناك قيودا وتشددا في بعض القوانين التى تجعل من هذا الانفتاح أو التسهيل انفتاح مشروط بالعديد من الإجراءات والأنظمة التي لربما تجعل من وصول السائح معضلة لبعض شركات إدارة الوجهات السياحية وشركات الطيران والفنادق... وغيرهم من مزودى الخدمات السياحية التى تعمل في قطاع السياحة المتنوع.

‏يَجِب أنْ تأخذ بالاعتبار كل الجهات الرسمية ذات الصلة عن قطاع السياحة، أنه لا يُعقل أن تتم مقارنة السياحة بالقطاع النفطي في مساهمتها في الدخل والناتج القومي؛ فهي مُساهمة جدًّا ضئيلة محدودة؛ لذلك فهي ليست بحاجة إلى أن يتم تقييدها بقوانين وإجراءات تعرقل نموها المحدود.

‏كما أنَّ التركيز على نظرية السياحة الانتقائية والتي تعمل على جذب فئة معينة من السياح هو أمر بحاجة إلى أن يعاد النظر فيه وتكييف الفكرة من معطيات الوضع الحالي؛ وبالطبع فإنَّ الهدف الاقتصادي هو زيادة عدد السياح الذين لديهم القدرة على إضافة قيمة اقتصادية للقطاع؛ من خلال تسهيل وصولهم إلى السلطنة، وإغرائهم بالبقاء لفترات طويلة من خلال توفير أنشطة وأجواء تُناسبهم. خاصة وأنَّ التوجه الحالي لمعظم المجموعات السياحية هو البحث عن مواقع بعيدة عن ضوضاء المدن، والتى هى من أهم مُميزات المنتج السياحي العماني.

هناك رغبة عارمة في الانفتاح السياحي، ولكن في المقابل هناك توجُّه بالحرص على المجتمع والبيئة، وكلاهما أمور تتضارب مع هذه الرغبة؛ لذلك فلابد من الوصول إلى نقطة التعادل في هذه العلاقة.

لقد أدت هذه المتناقضات إلى عزوف بعض المستثمرين في قطاع السياحة لتخوُّف البعض منهم من تلك المتغيرات المجتمعية، وما قد لوحظ مؤخرا من فرض لبعض الرسوم أو الضرائب على بعض الخدمات السياحية ذات الصلة بالقطاع، وعلى الأخص القطاع الفندقي، والذي هو بأمس الحاجة إلى أنْ يتم إعفاؤه من هذه الرسوم، وقد أدت هذه الرسوم إلى حدوث تغيير في مسار مجموعات سياحية عديدة ‏كان من المفترض أن تكون السلطنة وجهتها، ولكن توجهت إلى جهات أخرى.

‏ومن ضمن المتناقضات أنه كانت هناك محاولات عديدة لتطوير وتنمية العديد من المواقع والمعالم السياحية بالسلطنة، لكنها تعرَّضت لمقاومة شديدة؛ سواء من المجتمعات المحلية المحيطة بها، أو الإجراءات الإدارية المرتبطة بتلك المشاريع، والبعض من هذه المشاريع لا يزال رهين وحبيس الأدراج البيروقراطية.

... آن الأوان ليكون لوزارة التراث والسياحة اليد العليا في اتخاذ القرارات التى تخوِّلها في تسهيل إجراءات رفد السلطنة بالسياح، والتحكم مباشرة بالضرائب والرسوم المفروضة على القطاع لضمان استمراره في ظل الأوضاع الحالية.

لقد أصبح الأمن الاقتصادى هو محور حياتنا اليومى؛ وعليه أصبح لزاما قطع الأشرطة الحمراء والإفراج عن المشاريع التى ستخدم القطاع، والنظر إلى أن السياحة قطاع حر يكره القيود.