كن صاحب همة عالية

 

منى بنت حمد البلوشية

ونحن مقبلون على بداية عام ميلادي جديد، وتوديع عام ميلادي حمل بين طياته الكثير من المفاجأت والأسرار الخفية والذي أعطانا من الدروس ما يكفينا ربما لأعوام قادمة، فإنني لن أسميه عام الحزن والكآبة مثلما سمَّاه الكثيرون؛ بل إنه عام التحديات واختبار قدراتنا في تحمل الصدمات والصراعات التي داهمتنا بغتة في أنفسنا وتقييم ذواتنا لها.

علمني هذا العام الكثير من الدروس وأولها كيف أقف صامدة صابرة تجاه أي تحدٍ قد يقف أمامي، علمني كيف أواجه التحديات بما أوتيت من قوة وأنَّ القوة الحقيقية هي تلك التي تنبع من داخلنا ومن خلال تمسكنا بإيماننا بالله تعالى لأنه هو الدافع الوحيد الذي يكسبنا الصمود والصبر أمام كل ما قد يعترينا من متاعب ومصاعب.

تعلمتُ ألا أدع همتي تفتر وأنا في مُنتصف الطريق وألا أستسلم لما قد يواجهني وألا أنظر للخلف وأن أضع نصب عينيّ حلمي الذي رسمته دون أن تؤثر عليه تغيرات الزمن ومفترقات الطرق وأن أكون مثلما عهدتُ نفسي تلك الطامحة والتي تزرع الأمل في قلب كل من يراها تعلمتُ أن أضع اهتمامي لأولوياتي والتي طالما كنت لا أُعير بعضها اهتماماً تعلمتُ وزاد اهتمامي بعائلتي التي هي السند لي بعد الله عزَّ وجلَّ.

فالكثير منِّا ما زال يبحث عن طموحاته التي تأخرت وهو يسعى لأن تحدث تغيراً جذريا في حياته، والبعض الآخر ما زال منتظراً لأن تسنح الفرصة له أن تحين فكل منِّا يرسم طريقه ليصل وهناك من توقف لأنه لم يجد من يقف معه يُصفق له.

فكن لذاتك الجيش والجمهور الذي يقف أمامه ويُصفق له بحرارة ويقف شامخاً أمام ما أنجزه وما سينجزه في قادم أيامه،عليك ألا تدع للاستسلام معنى في قاموس حياتك ولا للتراجع للخلف فلا تخذل ذاتك التي وقفت معك طوال تلك المدة فلربما أنت الآن أقرب مما تتوقع للوصول.

الأقلام ستكتب وستسطر كلمات كثيرة وكل منِّا سيسطر إنجازاته على لوحات من الشرف والتي سيشهد لها التاريخ يوماً ما بدون تملق وتزييف بعد كل ذلك الجهد والعناء الذي لاقاه من شدة ما حدث له ولأنه يستحق تلك اللحظة المنتظرة.

عامك هذا اختبرك كثيرًا فانظر ماذا عليك أن تفعل في أيامك وأعوامك القادمة، فالأعوام ترحل ونحن ما زلنا على قيد الحياة وننظر للقادم بنظرة أمل وتفاؤل فأشعل فتيل وشموع حماسك وروحك التي اعتاد عليها من حولك ولا تقلق إن فترت همتك قليلاً دعها كراحة محارب لذاتك وعد بعدها كما عهدك من يعرفك فلا تحزن إن فاتك شيء فربما هو ليس لك والذي سيأتي هو لك فقط اطمئن.

فـ"إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليزرعها"، فلا تستسلم لأي فكرة قد تعتريك وتُسيطر عليك، لا تدع شيئاً يثنيك عن مطلبك فالأيام أيامك وعوض ما فاتك في الآن، وودّع عامك بنسيان ماضٍ قد آلمك وجدد همتك ونظف مشاعرك وقارن نفسك بذاتك لا بغيرها كيف كانت وإلى أين وصلت.

فأنت من يُقرر هل يستمر أم يتوقف -الخيار لك-، فعامك الجديد أقبل فهيء ذاتك له وانسَ كل ما آلمك واستكمل رحلتك في الحياة وازرع روح التفاؤل والأمل لك ولمن حولك وكن التغيير الذي تودّ أن تراه في العالم.

رسالة وددتُ أن أضعها بين يديك أيُّها القارئ العزيز: ثق بأنَّ الأقدار مكتوبة والله وحده يرى سعيك ولحظاتك التي تُجاهد من أجل الوصول إليها "وأنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى"؛ حتماً ستُسعدك الأقدار والأيام على قدر ما تسعى إليه فاطمئن ولا تيأس، وجدد همتك، ودع خطاك تستمر في الطريق الذي رُسمت له.

تعليق عبر الفيس بوك