إدارة الصّراعات التنظيمية

 

د. رضية بنت سليمان الحبسية

Radhiyaalhabsi@gmail.com

يُعرف الصّراع بأنه ظاهرة اجتماعية تحدث نتيجة الاختلاف في الرأي بين النَّاس، وقد يعكس الصّراع حالة من تعارض المصالح أو اختلافاً في القيم بين مجموعتين أو أكثر. وقد يرتبط الصّراع بالأفراد بشكل شخصي، أو ببيئة العمل. وهناك من الصّراعات الداخلية، والتي تحدث داخل الفرد نفسه، أو خارجية مع أطراف غيره، مما يؤدي إلى تأثيرات نفسية واجتماعية على الأفراد، وآثار تنظيمية على المؤسسة ذاتها، والناجمة عن إخفاء مظاهر الاختلافات أو مواجهة مسببات النزاعات.

تأخذ الصّراعات التنظيمية أشكالًا وصورًا تتدرج في حدّتها بحسب تطورات الموقف وطبيعته، وخصائص ومصالح الأفراد المشاركين في الصراع أنفسهم. فهناك الاختلافات في وجهات النظر، والنزاعات التي تقوم على المجادلة والغضب مع تطور الحوار والنقاش بين الأطراف، وهناك الأزمات التي تتولد على إثر الكوارث والمشكلات التي تؤدي إلى صراعات بين مجتمع وآخر: حزب سياسي، منظمة مجتمعية، منظمة دولية، أو بين الدول على مستوى أوسع. وعلى اختلاف تلك الأشكال فإنّ جميعها تُؤدي إلى بعثرت الجهود وتبدد المساعي في الارتقاء بالأداء المهني أو ازدهار المجتمعات وتقدمها.

وللصّراعات التنظيمية تداعيات تتباين بين المكاسب والخسائر، سواء السّلمية التي تُؤدي إلى نتائج إيجابية بتحقيق المصالح والأهداف المشتركة، أو العنيفة التي تفضي إلى أزمات تؤدي إلى تدمير أحد الأطراف أو كلاهما. فإن كان النوع الأول لا يشكل خطًرا ملحوظًا على أركان الصّراع، فإنّ الجانب السلبي منها بغيض، تظهر تأثيراته جليّة على العلاقات الاجتماعية، وله انعكاسات مباشرة على مجريات سير العمل، وتطلعات العاملين والمسؤولين سواسية. وقد ينجم ذلك نتيجة سوء إدارة الصّراعات، أو الافتقار إلى الخبرة والمهارة في لملمة كثير منها قبل تفشيها، أو بلوغها أوج حدّتها.

إنّ عملية إدارة الصّراعات تتطلب إدارة فاعلة لكيلا تخرج الأمور عن السيطرة، فيصعب احتوائها، أو قد ينتهي المطاف بها إلى فشل ذريع في حسن التّصرف معها. فهي عملية تحتاج إلى قيادة حكيمة وحنكة فريدة في معالجة جوانب وعوامل الصّراعات، وتوجيهها الوجهة الصحيحة لخروج كافة الأطراف منها رابحين، واستثمار نشاطاتهم لتسيير أعمالهم، وتحقيق غاياتهم وطموحاتهم، بشكل منظومي وموضوعي دون انحياز لاعتبارات اجتماعية، أو مبررات ذاتية.

ويعمدُ كثير من المسؤولين إلى افتعال الصّراعات داخل مؤسساتهم؛ بغية استثمار طاقات العاملين الإبداعية، وتحريك جهودهم الكامنة نحو التنافس في القيام بأدوارهم وصولًا لأهداف المؤسسة، إلا أنّ الأمر لا يخلو من مخاطرة غير محسوبة لمن يفتقر إلى أساليب وإجراءات تلك التقنيات على الوجه المأمول. إذ تتطلب إدارة الصّراعات التنظيمية الأخذ بعدد من المعالجات والإجراءات، التي من شأنها توحيد الجهود وشحذ الهمم، وبالتالي قضاء ساعات العمل فيما يؤتي بثمار منشودة أو مبادرات تطويرية، ناهيك عن سيادة الأمان الوظيفي.

ولضمان كفاءة العمل المؤسسي، فإنّ هناك من المعالجات التنظيمية الجادة للتعامل الفعّال مع الصّراعات في المجتمعات الوظيفية، منها: إعادة تصميم الهيكل التنظيمي للمؤسسة، تحسين قنوات الاتصال، الالتزام بالمهام والاختصاصات الوظيفية، الاهتمام بتطوير القوانين والإجراءات التنظيمية، استراتيجية فرق العمل، وتقليل الفجوات بين العاملين في المهارات والقيم والاتجاهات. وعلى ذلك فإنّ على المسؤولين انتقاء الاستراتيجية الملائمة لإدارة الصراعات على اختلاف أنواعها، بما يتلاءم وحيثيات الموقف ومهاراتهم في تطبيق تلك الاستراتيجيات.

تعليق عبر الفيس بوك