التقاعد بعد الثلاثين

 

 

عبدالمجيد بن يحيى الراشدي

 

علاقة الموظف العام بجهة عمله إنما هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، لذلك فإن مركز الموظف القانوني يجوز تعديله في أي وقت بمراعاة الشروط المحددة في القانون، لكن في الوقت ذاته العدالة تستوجب خاصة في حال تغييرات جذرية في القانون والتي منها انتقاص من بعض الحقوق الوظيفية، خاصة المتعلقة بموضوع التقاعد أن يراعى الموظف أقصى ما يمكن مراعاته، والمواطن  دائما  محل رعاية واهتمام من الدولة. واستمعنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لنداءات من موظفين وجهت للمقام السامي.

وكانت التوجيهات السامية مضمونها مد فترة الخدمة المستحق عنها المعاش التقاعدي الاختياري إلى ثلاثين سنة، والزيادة إنما هنا تقدر بنسبة 50% من الفترة السابقة التي كانت عشرين سنة فقط، وهي بلا شك ليست ببسيطة خاصة من كان يأمل التقاعد عند اكتمال المدة، لأنه عندها سيصبح مضطرا للاستمرار في العمل لمدة عشر سنوات أخرى أو يزيد، خاصة أنه هناك من لديه ظروفه الخاصة، منها بعد مقر العمل عن مقر الإقامة أو عدم وجود بيئة مناسبة للاستمرار في العمل وانعدام محفزات البقاء المادية والمعنوية أو الرغبة في إقامة مشروع خاص أو التفرغ للنشاطات أخرى أو تفرغ المرأة للمنزل، لكن في الوقت ذاته كل من ذكر سابقا يحتاج إلى مورد مالي مضمون يؤمن له حياة كريمة ومعاش التقاعد هو السبيل إلى ذلك، كما أن الاستمرار في الوظيفة في ظل مثل تلك الظروف سيساهم في انخفاض الإنتاجية.

 ومن خلال الموازنة بين توجُّه الحكومة بزيادة مدة الخدمة المقررة للتقاعد وظروف ورغبات بعض الموظفين، فإنني أقترح على الحكومة الموقرة- وهي الراعية للكل- الاقتراحات التالية:

1-  منح مهلة للموجودين بالخدمة ومن بلغت مدة خدمتهم العشرين عاما أو أكثر، قدرها ستة أشهر للاختيار بين الخروج خلالها وفق النظام المطبق حالياً أو الاستمرار.

2-  التعديل في مدة الخدمة وفق التوجيهات السامية يسري على الموظفين الجدد أو من مدة خدمتهم أقل من عشر سنوات.

3-  العمل على بقاء مدة الخدمة كما هي عشرين سنة مع تعديل نسبة استحقاق المعاش لتكون مثلا 100% لمن أكمل مدة 30 وتنخفض مع المدد الأقل.

4-  كما أنه يجب وضع قاعدة أخرى تراعي من وصلوا مثلا لسن الخمسين أو الخمس وخمسين فيكتفى في حقهم مدة خدمة خمسة وعشرين سنة.

وإذا كانت الحسابات الاكتوارية لا تساعد على تنفيذ الاقتراحات السابقة، فأني شخصياً أرى أنه من المناسب زيادة نسبة مساهمة الموظف لصندوق التقاعد بنسبة بسيطة لا تزيد عن 1% مقابل تسهيل أمر التقاعد لمن أراد وزيادة مقدار المعاش.

نقطة أخيرة في هذا المقال وهي أننا كلنا ندرك أن التقاعد مرحلة آتية لا محالة في حياة الإنسان العامل أياً كان عمله أو منصبه، وتتحدد صعوبتها أو يسرها بقدر الاستعداد لها وبقدر تقبل الفرد لها، لذلك فإنَّ مشاركة الموظف في برامج خاصة بأمر التقاعد أو ما بعد الخدمة خارج إطار الوظيفة أحيانا تكون لها مزايا عظيمة، وهنا يأتي دور شركات التأمين التكافلي بخلق تلك البرامج المقبولة شرعا، وفي حال وجودها ستساهم بدورها في ضمان حياة كريمة للموظف لما بعد التقاعد.

تعليق عبر الفيس بوك