"حصاد 2020".. عام كورونا وخسارة ترامب

◄ التشكيك في "لقاح كورونا" يصرف الأنظار عن كفاءة وعدالة التوزيع

◄ النموذج الصيني ضرب "مثالا راقيا" على التعاطي الفاعل مع الفيروس وليس تداعياته

ترجمة - الرؤية

وصفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية العام 2020 بأنه عام الأرقام بامتياز؛ فمن إحصاءات مصابي ووفيات "كوفيد 19" في الولايات المتحدة وإلى الانتخابات الأمريكية التي شهدت فوزا مقنعا للرئيس المنتخب جو بايدن.

وفي تقرير للصحيفة بمثابة رصد مصغر لما مر به العالم خلال الـ365 يوما الماضية، قالت إنَّه وفي حين أن رفض التحديد الكمي كليًّا قد يروق لبعض الشعبويين والمثقفين، إلا أنَّ الحكومات بحاجة لشكل من أشكاله للسيطرة على المجتمعات كبيرة العدد، فالقياس الكمي يُنظِّم الواقع المعقد ويبسطه إلى شيء ملموس وسهل التعاطي معه؛ إذ ينقل هالة من الحقيقة الموضوعية والشفافية والسلطة العلمية لوصف الواقع أو للقرارات.

فبينما أنتجت أزمة جائحة تفشي فيروس كورونا صورًا مثيرة للاهتمام لمدن فارغة وأكياس جثث محملة في شاحنات مبردة، تمَّ الإبلاغ عن حجم الدمار وانتشاره بشكل أساسي من الناحية العددية؛ فعلى سبيل المثال: وضعت صحيفة "نيويورك تايمز" الرسوم البيانية على صفحتها الأولى في العام 2020 بثلاثة أضعاف المعدل الذي كانت عليه في العام 2019.

بينما وفيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء، حاول دونالد ترامب التركيز على مؤشرات سوق الأسهم بدلاً من فقدان ملايين الوظائف أو انهيار عائدات الدولة والحكومة المحلية، وعلق تقرير الصحيفة على ذلك بالقول: "يمكن لترامب تجنب المحادثات حول الركود من خلال الإشارة إلى نقطة مضيئة. ولكن بينما تتبع أسواق الأسهم عادةً تقدم الاقتصاد الحقيقي، تم توجيه الشركات الصغيرة غير المدرجة في البورصة، بينما استقرت الشركات الكبرى المتداولة علنًا".

وعلى المستوى الفردي، أدَّى هذا الانقسام إلى ما يُعرف باسم الانتعاش على شكل K؛ حيث إنَّ أقل من نصف الأمريكيين لا يمتلكون أي أسهم، في حين أن أعلى 10% يمتلكون حوالي 85% من الأسهم.

وفي غضون ذلك، ركزت الصين على الفيروس بدلاً من سوق الأسهم أو الاقتصاد، وعلى الرغم من أهداف التنمية المستمرة للنظام، فإنَّ استجابة الحكومة الصينية لـ"كوفيد 19" كانت تدريبًا عميقًا على الفيروس نفسه، بينما كانت هناك قعقعة بشأن المقايضات بين الانفتاح على الاقتصاد ووقف انتشار الفيروس، استمرت عمليات الإغلاق والإغلاق المكثفة في البلاد حتى فبراير حتى بيان 22 مارس بأن ووهان -مركز الزلزال الفيروسي الأصلي- لم تشهد أي حالات محلية جديدة لأربعة أيام على التوالي. وكان التركيز المفرط على أرقام معينة -كل من عدد الحالات وعدد تكاثر الفيروس- يؤتي ثماره.

ومما تطرق إليه تقرير "فورين بوليسي" أنَّ النجاح في مكافحة الفيروس أتاح انتعاشًا اقتصاديًّا سريعًا؛ حيث لم تبلغ الصين -التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة- عن 500 حالة في يوم واحد منذ نهاية فبراير، في حين أن نورث داكوتا، التي يبلغ عدد سكانها 750 ألف نسمة، بلغ متوسطها أكثر من 500 حالة كل يوم منذ 11 أكتوبر.. مشيرًا إلى أنه وبعد القضاء على الفيروس، فإنَّ الصين التي تكاد تكون من بين الاقتصادات الرئيسية في العالم، سجلت نموًّا إيجابيًّا على أساس سنوي.

وكنتيجة جزئية، ابتعدتْ الصين أخيرًا عن الفترة الطويلة من تفوق الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث تخلت أولاً عن هدف رقمي محدد لصالح نطاق مستهدف من النمو، ثم تخلت عن هذا الهدف تمامًا هذا العام. وفي حين أنَّ جزءًا من هذا القرار يُعزى بالتأكيد إلى الرياح الاقتصادية المعاكسة للصين بسبب الفيروس، فإن بكين ألقت باللوم في جزء كبير على عدم استقرار الأسواق الخارجية، التي دمرها الوباء.

واختتم تقرير "فورين بوليسي" بأنَّ الوباء تطلب التركيز على الأرقام الصحيحة، وليس على تطويعها لجعل الأمور تبدو أفضل أو اتخاذ الاختيار الخاطئ للاقتصاد على حساب الحياة. والأمر نفسه ينطبق على المعركة النهائية ضد فيروس كورونا.

إنَّ التركيز على الاختلافات الطفيفة في كفاءة اللقاح، هو إلهاء مقارنة بالأرقام الأكثر أهمية: سرعة وكفاءة توزيع اللقاح، واختيار المجموعات المناسبة للتلقيح أولاً. وعلى المدى الطويل، قد يؤدي الوباء إلى خلق جمهور أكثر استنارة -وأكثر نشاطًا- في اختيار الإحصاءات التي يقدرها.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة