جَبر الخواطر

 

وداد الإسطنبولي

عندما أتفقد هذه الجملة، أفكر مباشرة بأن الجبر لا يأتي إلا بعد الكسر، فأغمض عينيَّ فيظهر لي أنَّ الجبر كلمة تُغازل النفس، وتُطيِّب القلوب، وتُرهِف الأحاسيس، غزيرة بامتلاء الشعور النابت من الدواخل الذاتية، ربما قد تحدث عنها الكثير، وكتبوا عنها مدونات وكل أدلى بدلوه فيها، ولكن أحببت هذا الجبر الذي أريد أن أكتبه بطريقتي لينعكس جمال هذه الجملة على نفسي لأعمل عليها وأكون مندوبا لها.

يعني يجرني هذا التفكير أن له علاقة بالتكوين الإنساني الذي يخوض من قانون الحياه وصراعاتها في التربية، والعمل، والنزال، والظروف..إلخ، وكل ما يجري على البسيطة من اتجاهات عكسية فتكونت شخصياتنا المختلفة كالقوية منها والضعيفة، واختلفت عند كل فرد مهارة التعبير والأسلوب، وعشنا في تأملات كثيرة في الشغف، والمشاعر الجياشة، والحب في العلاقات، لن نجذب هنا الصفات السيئة رُبما لأني أوقن بأن الإنسان بطبعه حميد ولين، أم أن هذا عين طبعي؟ لا أدري!

ما سطَّرته آنفا يقودني إلى تساؤل: من الذي يتربع على عرش الأسلوب؟ من منا قادر أن يكسب قلوب الناس؟ من منا قادر على التجاوز؟ ليعيش في طمأنينة ويفوز بسبعين عضلة المُفرِحة بملامحه.

وفي كل خطوة، أجِد نفسي أصعد من درجة إلى أخرى لاكتشاف شيء من جميل إلى أجمل، وأرحب بهذه الخواطر التي تلفني بمعانيها الجميلة، وكيف أستطيع أن أنثرها على من حولي بمزيج لذيذ وبلمسة ناعمة كحلاوة النوتيلا التي ننهم عليها بحب انجذاب الخليط المكون فيها، أعلم أنْ لا علاقة هذا بهذا، ولكن أغير من طريقة كتابتي المعتادة، وأبعد نفسي عن ملل الرتابة ولون القلم المعتاد فأجد حريتي في طريقة ما سأكتبه بطريقتي الخاصة.

وأُكمِل:

تحاورني نفسي وتخبرني متسائلة: وما النكهة الجميلة من كل هذا؟ أجيبها ولا يزال سحر السؤال يراودني لأستوعب كلمة نكهة! فقد اختارت أن أجيبها بعطر جميل فواح ورائحة مختلفة إجابتها تنبه القارئ لعمق كلمة "جبر الخواطر"؛ فلا يسعني إلا أن أكتب أن نكهة وجودك يا من تعيش على البسيطة فيمن يقدرك، ويثمنك، ويعرف قيمتك، فابحثوا عن هؤلاء من يقدرون المكانة، ويتجاوزون باليقين، دون الرجوع للوراء مرة أخرى في كل مناسبة.

ولطالما كل شيء لا يبقى على حالة فالعمر يجري، والأيام والشهور، ويرحل من يرحل وينجلي، وتولد ولادات جديدى فكل شيء يتجدَّد، أفلا نستطيع نحن أن نتجاوز ونكتسب جمال هذه المهارة الجميلة العميقة، التي ميزانها ثواب الله فيها.

ولا أنسى، ولا تنسوا وختامها مسك، بأن الله جل وعلا من أسمائه الحسنى الجبار؛ فمن أول وهلة نعتقد أنه يعني "القوي القاهر"، ولكن سر هذه الكلمة في عمقها أنه الليِّن جابر الخواطر.

تعليق عبر الفيس بوك