د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي
تُطالعنا وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، من حين إلى آخر، بأخبار مُحزِنة عن سقوط مغامر من على قمة جبل، أو غرق شخص في وادي وفقدان البعض أثناء مسيرهم أو تسلقهم لقمم الجبال أو السهول والوديان، رغم استعدادهم المُسبَق لمثل هذه الجولات الشيقة التى للأسف يتحوَّل البعض منها إلى كوارث لا تُحمد عقباها.
إذ عند حدوث إصابة أو فقدان لشخص ما أثناء هذه المغامرات، يتم إبلاغ شرطة عُمان السلطانية -مُمثلة بالإدارة العامة للدفاع المدني- والتي بدورها تحرك فرقها -سواء كانت جوية أو برية أو بحرية- (إذا تطلب الأمر) لمحاولة إنقاذ أو إسعاف الشخص المتضرِّر، مُعرِّضين أرواحهم للخطر من أجل أداء الواجب المناط بهم في أماكن وعرة وذات خطورة يصعب بل يستحيل أحيانا الوصول إليها.
وهناك توابع قد لا يُلاحظها البعض، والتي تتكبَّدها الدولة نتاج تحريك طائرة مروحية متبوعة بفريق طبي متخصص لحالات الطوارئ وسيارات الإسعاف، ثمَّ العلاج الذي يتبع هذه الحالات والتي ينتج عنها تكاليف مرتفعة سواء مباشرة أو غير مباشرة على موازنة الدولة، رغم كونها مصاريف حتمية لحماية البشر.
إنَّ أغلى ما تملك الإنسانية هو الروح البشرية، وفقدانها يعني الخسارة الكبيرة لذويهم ومحبيهم، ومعايشة العديد منهم للحياة بين ذويهم تحت وطأة الإعاقات التى تحدث بسبب هذه الحوادث، ويفقد البعض وظيفته ويعاني لعقود من مشكلات جسدية ونفسية.
وكنتيجة لذلك، حدَّدت العديد من الحكومات شروطًا وإجراءات تنظم سياحة المغامرات وفقا لتعليمات وتوجيهات تصدرها وتتولى تعديلها من وقت إلى آخر، ويتم توفير هذه الإرشادات الملزمة قانونا لكافة منظمِّي سياحة المغامرات، أفرادا كانوا مثل المرشدين والأدِلَّاء السياحيين أو مؤسسات سياحية متخصصة في هذا النشاط؛ حيث يقترح أن يحتوى النظام تحديدا على النقاط التالية:
- الفئات العمرية للمشاركين.
- الاستعدادات الفنية قبل الرحلات.
- تجهيز الترخيص المطلوب لقائد أو منظم المغامرة.
- التدريب على الطوارئ والإسعافات الأولية.
- تحديد المواقع والمسارات.
وغيرها من المتطلبات الأخرى الأساسية لهذا النشاط.
لقد حثَّت كافة الدول مواطنيها على عدم الإلقاء بأنفسهم للتهلكة، ويتوجَّب علينا أن نُحافظ على أرواحنا. سياحة المغامرات سياحة غير مُعقدة وغير تقليدية تنشط الروح والجسد وهى ليست بسهلة؛ لذلك فمن المقترح أن تتولى وزارة التراث والسياحة وهيئة البيئة إعداد دراسات شاملة لنظام سياحة المغامرات، والعمل على أن تكون هذه الأنظمة مواكبة للمواصفات والمعايير الدولية المطبقة لهذا النوع من الأنشطة، وتمكين كافة الشركات والأفراد من الاستفادة من هذا النظام وتطبيقه، وإلزام كافة الراغبين في قيادة وتنظيم سياحة المغامرات من الحصول على تدريب مرخص من قبل الجهات المعنية وإلزامية الحصول على تأمين ضد المخاطر، والذي سيُسهم في طمأنة المشاركين حال حدوث أمر ما لا قدر الله.
للعديد من الدول في المنطقة خبرات طويلة، وبالإمكان الاستعانة بما لديهم من خبرات لإعداد هذا النظام دون الحاجة لبذل مجهود ووقت.