اغتيال محسن فخري زاده.. هل يُنذر بمواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل؟

ترجمة - الرؤية

سلَّط تقريرٌ لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية الضوءَ على عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وقال إنَّ مَقتله ليس الحادثة الأولى من نوعها في إيران؛ إذ إنه انضم إلى أربعة آخرين على الأقل خلال العقد الماضي.

وفي سلسلة عمليات الاغتيال التي قالت إيران إنها تهدف لوأد طموحاتها في مجال الطاقة النووية، وجهت إيران باستمرار أصابع الاتهام إلى إسرائيل، عدوها اللدود في الإقليم. وتنتهج إسرائيل سياسة عدم التعليق على مثل هذه المزاعم. وفي غضون ذلك، نفت الولايات المتحدة الاتهامات، التي تتهمها إيران بالتواطؤ. ولطالما استشهدت إسرائيل بتعهدات عدوها إيران بتدميرها، وتقول -دون تفاصيل في كثير من الأحيان- إن لها الحق في الدفاع عن نفسها من خلال منع إيران من أن تصبح قوة نووية عسكرية. ولجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" سجل ممتلئ بالاغتيالات.

ويبدو أنَّ عمليات اغتيال العلماء الإيرانيين تمضي وفق نمط معين، وغالبًا ما تحدث أثناء توجه أحدهم إلى العمل أو العودة منه. ففي عام 2010، قُتل مسعود علي محمدي الخبير في فيزياء الجسيمات، بانفجار قنبلة تعمل بالتحكم عن بعد مربوطة بدراجة نارية بينما كان يغادر منزله في طهران. وفي وقت لاحق من ذلك العام، تُوفي عالم نووي آخر هو ماجد شهريار، بطريقة مماثلة عندما ركب المهاجمون بجانبه ووضعوا قنابل في سيارته. في حين نجا فريدون عباسي دواني، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية في ذلك الوقت، من محاولة اغتيال في نفس اليوم. ويعتقد أن كلا الرجلين كانا يعملان مع فخري زاده.

وفي العام 2011، أطلق مسلحون النار على داريوش رضائي نجاد، الأكاديمي المتنازع على انتمائه للأنشطة النووية في البلاد، من قبل مسلحين يركبون دراجات نارية. وبعد ذلك بعام، قُتِل مصطفى أحمدي روشان نائب رئيس منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في نطنز، في هجوم بقنبلة مغناطيسية بينما كان يقود سيارته إلى العمل.

ولا يزال توقيت مقتل فخري زاده يوم الجمعة غير واضح، بعد سنوات عديدة من موجة الاغتيالات أوائل العقد الماضي. ولكن المؤكد أن المنطقة في حالة تأهب مع دخول إدارة دونالد ترامب أسابيعها الأخيرة. وانتهج الرئيس الأمريكي ترامب مسارا متشددا للغاية تجاه إيران، بما في ذلك الأمر بشن هجوم بطائرة بدون طيار هذا العام أسفر عن مقتل قاسم سليماني أقوى جنرالاتها. وبشكل عام، يُنظر إلى دونالد ترامب في إسرائيل على أنه أكثر تساهلاً لطموحاتها، على الصعيدين السياسي والعسكري، مقارنة بالرئيس المنتخب جو بايدن الذي يتأهب لتولي السلطة. ويمثل ذلك ضغوطا على إسرائيل للمضي قدما في أي خطط قبل الفترة الانتقالية في يناير.

واعترفت إسرائيل بمتابعة عمليات سرية ضد برنامج إيران النووي لجمع معلومات استخبارية. وفي عام 2018، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن حكومته حصلت على عشرات الآلاف من الوثائق مما أسماه "المحفوظات الذرية" الإيرانية. وكان يُنظر إلى الخطاب إلى حد كبير على أنه جزء من برنامج تليفزيوني لترامب، فقد تم بثه قبل أسبوعين فقط من الموعد المقرر أن يقرر الرئيس الأمريكي ما إذا كان سينسحب من اتفاق عهد أوباما التي ألغت العقوبات الأمريكية على إيران مقابل تقليصها الأنشطة النووية. وعارض نتنياهو الاتفاق بشدة واتهم طهران بتطوير أسلحة نووية.

حتى بدون تأكيد من فعل ذلك، فإن مقتل فخري زاده سيؤجج الصراع الإيراني-الإسرائيلي الذي اندلع بشكل متزايد إلى العلن. ففي جارتها سوريا التي مزقتها الحرب، نفذت إسرائيل مئات الضربات عبر الحدود ضد حلفاء إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني، ولكن أيضًا في السنوات الأخيرة ضد القوات الإيرانية بشكل مباشر. واندلعت مواجهات خطيرة بالقرب من إسرائيل، ففي فبراير 2018، قالت الدولة إنها أسقطت طائرة إيرانية مسيرة خفية دخلت المجال الجوي الذي تسيطر عليه إسرائيل، والذي قالت إسرائيل لاحقًا إنها كانت مسلحة بالمتفجرات.

وفي وقت لاحق من ذلك العام، اتهمت إسرائيل إيران بإطلاق وابل من الصواريخ من الأراضي السورية على قواتها في هضبة الجولان المحتلة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تطلق فيها إيران صواريخ في ضربة مباشرة على القوات الإسرائيلية، مما أدى إلى تصعيد الصراع على نحو ينذر بخطر بالغ.

تعليق عبر الفيس بوك