"18 نوفمبر".. حضر التاريخ وغاب الرمز

عواطف أحمد الحوطي

أديبة وشاعرة كويتية

إنَّ التاريخ يُحفر في أعماق الشعوب بأيدي الكرماء وشرف مواقفهم وإخلاص جهودهم.. أكرم الله مُنزَل السلطان الراحل قابوس بن سعيد -رحمه الله- ذلك الرمز الذي رحل بجسده وظلّت روحه متطلّعةً على غراس أشجاره المباركة تُثمر خيراً على كلّ وقتٍ وحين.

رحل السلطان قابوس، وبقي رمزاً لسلطنة عُمان الذي لا يغيب ولن يغيب، فالرموز لا تغيب، إنمّا هي الأجساد التي ترحل، وتبقى الأرواح المخلصة معلّقةً متطلّعةً على قناديل الوطن المتقدة للعمل على إكمال الأمانة.

لكم الله أهلي في سلطنة عُمان في هذه الذكرى للفقيد قابوس رحمه الله، وهنيئاً لكم رمزه الذي حفر تاريخ السلطنة ليبقى حاضراً مُشرقاً في مصاف شعوب الأرض.

وفّقكم الله برفعة السلطان هيثم بن طارق ورعاكم بفضله تعالى.. سِرْ متوكّلاً على الله على نهج سلفِك، سِرْ وأكْمِل البشرى واحفظ الذكرى.

 

قابوس.. مبدي الخناجر

رأيتُ فيكِ عُمانَ الخيرِ مَنْقَبةً *** في الرُّوحِ تسْري كأنَّ الروحَ نَاديها

تَخِذْتُ أهلَكِ خِلّاناً لشيمَتِهمْ ** أسْمى السَّجايا إذِ القُربى تُزكِّيها

وافَتْ عطاياكِ أنْجاداً وأوديةً ** سَحائبُ الغيثِ تُغنيها وتَرويها

فاضَتْ على أممٍ جُوداً مَنائِحُها ** ورَفرفُ البَندُ يَعلو فوقَ صَاريها

صَحائفُ المجدِ بعضٌ مِنْ فَضائِلها ** وللعُروبةِ تاريخٌ بِماضِيها

 نُجومُها الغُرُّ بينَ السُّحْبِ قدْ طلعَتْ ** وللشُّموسِ ضِياءٌ في أراضِيها

والحجُّ عهدٌ إلى الأمصارِ تحفظُهُ ** صَنائعُ الخيرِ للجيرانِ تُسديها

عزمٌ وجِدٌّ بأفواجٍ مُكلَّلةٍ ** تشُدُّ رَحْلاً إلى أقْصى أمَانيها

يا عاهلَ الخيرِ مَنْ للحقِّ يُظهِرُهُ ** إذا النَّهارُ اشتْكى مِنْ جَورِ دَاجِيها

أثْرَتْ مكارمُ قابوسٍ مَرابِعَها ** صارَ الشَّتاتُ كجَمْعٍ واحدٍ فيها

أمّا الوُقارُ فسَمْتٌ ليسَ يبرحُهُ ** بالحِلْمِ يصفَحُ، بالأخلاقِ يَحويها

ندّتْ يَداه منَ التَّقديرِ فاكتملَتْ ** فَعائِلُ الجُودِ خيراً إذ تُوفّيها

هَذي الشَّمائِلُ كلُّ الناسِ تَعرفُها ** شَهادةُ الشَّعبِ بالعِرفانِ تُثريها

يا مَنْ سَموتَ كمَا للعزِّ أجنحةٌ ** هبّتْ صُقورُ بلادٍ أنتَ حَاميها

واللهُ حافِظُها مِنْ كُلِّ نازلةٍ ** واللهُ أمَّنَ قَاصِيها ودَانيها

فارْفُلْ بخيرٍ حَباكَ اللهُ سَلطنةً ** كالعِقْدُ تلمعُ أنواراً لَآليها

(مسندمٌ) في شَمالٍ إذْ تَنافِسُها ** (صُحارُ) باطنةً (رستاقُ) تَحْكِيها

(صورٌ) و(إبرا) ببابِ الشَّرقِ تَكْفُلها ** منكَ الحَنايا تُداريها وتَرقِيها

(نِزوى) بداخلِها (هيما) أواسطُها** ومِنْ (صلالةَ) ذا حُضنٌ يُجلّيها

فلْيهنأِ القومُ قد مُدَّتْ وشائِجُهُم ** كالنَّخلِ تَعلو وذَاكَ الجَذرُ سَاقِيها

يا مَسقطَ العزِّ لا تَنبو خَناجرُها ** في الغِمدِ تَبقى وقابوسٌ مُبدِّيها

تعليق عبر الفيس بوك