2020.. اتجاهات جديدة على خارطة الحياة

 

أم كلثوم الفارسية

ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا من عمرك ليست بالشيء القليل!!! ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا لا يمكن أن يكون رقماً صغيراً في روزنامة أحلامك!!

هذا العام المختلف محسوب من عمرك لا يُمكن حذفه أو استبداله مهما كانت الظروف التي عشتها فيه. فمن المؤكد أنَّ هناك ألواناً من البشر قد عبروا من خلالك في هذا العام ومئات من الحكايات والأحداث التي كنت فيها مشاركًا وأثرت فيك ..لذا لا يُمكن أن نستقطع هذا العام من سنوات عُمرنا بل على العكس ربما كان من الأجدى أن نعتبره عام ترتيب الذات والقُرب من النفس لا الآخر.

عام مُختلف.. فالشوارع ليست مزدحمة.. والمساجد بدون أئمة... والأسواق أغلقت والموائد تقلصت.. أقبل علينا هذا العام بطريقة عاصفة لكل العادات والطقوس التي لم نتخيل يوماً ما أنها لن تأتي كما تأتي كل عام.. قدوم مختلف لا يمنح للأشياء تفسيراتها إنما يكوّن اتجاهات جديدة على خارطة الحياة.. في هذا المعترك القلبي والعقلي الصاخب...كل الاتجاهات تشير إلى قلبك. إنك متحرر من جميع المشتتات والفصلات التي يجبرنا عليها العرف المجتمعي وتبهت نورانية قلبك.. هذا العام أتى  ليقرأ ماذا ينقصك .. يجس الروح والجسد والإنسان ويحصي الفراغات التي عجز الدهر عن ملئها في داخلك.. امنح نفسك هذه الفرصة وكن مستعداً لرسم خارطتك الجديدة كما أنت لا كما يُريد الآخرون اكتشف قوة صلتك بنفسك فأنت هذا العام أقرب ما تكون إلى نفسك من دون مُؤثرات خارجية كن لروحك اطمئناناً بالرغم من كل الظروف القاسية والغريبة التي تحيط بك.. اجمع شتاتك التائه ولملم ذراتك المبعثرة واعجنهم من جديد شخصاً آخر كما تُريد.

اغتنم هذا الظرف المُختلف وتعلم كيف تصنع حباً لذاتك كيف تبدأ عهداً جديدًا لقلبك الرازح تحت دوائر العادات المجتمعية التي تسرقك من نفسك في أغلب الأحوال...وأطبق شفاه الضجيج الخارجي وارجع إلى نفسك وحلِّق في فضاءات التعرف عليك .. هذه فرصتك.. فهذا العام ومع كل الخلوات التي أجبرنا عليها بحكم الحجر الصحي والحظر والإغلاق يكشف لنا كم أن الحياة قادرة على إغواء مُعظم البشر واستعبادهم وجعلهم أُجراء لديها يعطونها خالص أيامهم وطموحهم وهمتهم وتعطيهم بعضا من متعها الزائفة الزائلة.. إن هذا العام  المختلف يريد منك أن تخرج منه مختلفا أيضًا أقرب فيه إلى نفسك لا البشر.

إنِّه عام الغربلة لكل النظريات الحياتية أو الفلسفية التي آمنت بها واعتنقتها...فميراث آبائنا التربوي يجب أن يُغربل تمامًا فنأخذ منه المفيد وهو كثير بلا شك ونتجاهل ما لا يناسب عالمنا اليوم والأهم من هذا وذاك أن نستلهم من تراثنا الإسلامي ومددنا السماوي ما نتقوى به أمام توحش الحياة من حولنا ونواجه به مُطمئنين هجماتها المادية القاسية التي تضعف من ذواتنا وتسعى إلى إنهاكها واستلابها.

تعليق عبر الفيس بوك