خطة التوازن المالي العمانية.. قراءة تحليلية

 

حمد بن سعيد بن سليمان الرحبي

Oman99433@gmail.com

 

أطلقت السلطنة خلال الأيام الماضية خطة التوازن المالي للأربعة أعوام القادمة (2020- 2024م) وهي خطة ضرورية وملحة في حد ذاتها، وفي نفس الوقت متوقعة؛ لأهميتها من حيث إنها تمثل مرحلة انتقالية أو يمكن القول تجهيزية أو تمهيدية للمرحلة القادمة لأسباب عدة منها:

  • تعد جسراً انتقالياً بين رؤية عُمان 2020 وما حملت من توجهات، وبين رؤية عمان 2040 وما تحمل من تطلعات وأهداف.
  • موجة هبوط أسعار النفط والذي تعتمد عليه بشكل كبير الموازنة العامة للدولة.
  • تفشي جائحة كورونا التي انهكت اقتصادات العالم ومن بينها اقتصاد السلطنة.
  • تراجع التصنيف الائتماني للسلطنة الذي يؤثر بلا شك على عملية استقطاب الاستثمارات والمستثمرين الخارجيين إلى السلطنة للقيام بمشاريع وشركات وأعمال.

وبالمقابل تقوم خطة التوازن المالي على خمسة محاور أساسية هي:

1- دعم النمو الاقتصادي.

2- تنشيط وتنويع الإيرادات الحكومية.

3- ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق .

4- تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية.

٥- رفع كفاءة الإدارة المالية العامة.

وبعد أن استعرضنا سوياً عزيزي القارئ المحاور الرئيسة التي تقوم عليها خطة التوازن المالي؛ فإنني استشعر سؤالاً ملحاً يدور في ذهنك، وهو ما فوائد ونتائج تطبيق هذه الخطة على اقتصاد السلطنة؟

تتمثل نتائج تطبيق خطة التوازن المالي لمدة أربعة أعوام في ثلاث نقاط رئيسية هي:

  • خفظ العجز في الموازنة إلى 1.7% من الناتج المحلي عام2024م.
  • انخفاض نسبة الدين العام المحلي الإجمالي إلى 80%عام 2024م.
  • ارتفاع نسبة الإيرادات غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي إلى 13% عام 2024م.

وفيما يلي قراءة تحليلية لخطة التوازن المالي من خلال بعض المؤشرات العامة التي يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

  • يمكن القول إن خطة التوازن المالي هي خطة تصحيح مسار الاقتصاد العماني من خلال التوازن بين الإيرادات والمصروفات.
  • العمل على خفض الدين العام للدولة الذي ارتفاع ارتفاعاً حاداً خلال الأربع سنوات الأخيرة، ووصل إلى أكثر من 17 مليار دولار؛ والشيء المثلج للصدر هو تجنب الحكومة الرشيدة الاقتراض من صندوق النقد الدولي والتحرر من شروطه القاسية والتعجيزية.
  • إن حل فرض ضريبة القيمة المضافة على المجتمع هو حل يمكن القول إن ايجابياته قد تتساوى مع سلبياته، ولا تعود على الاقتصاد بذلك الشيء الكبير والمعول عليه، ويكمن الحل في فرض ضريبة انتقائية لبعض السلع ولبعض الفئات من المواطنين أو المقيمين وكذلك التعجيل بفرض ضريبة الدخل المرتفع حيث إن فوائدها ستكون أعلى من ضريبة القيمة المضافة.
  • إن النسبة المتوقعة للإيرادات غير النفطية والتي تمثل 13% بحلول عام 2024م ؛ أرى أنها غير كافية رغم كل الإجراءات التشريعية والتنفيذية والإدارية التي اشتملت عليها خطة التوازن المالي، وكنت أتوقع شخصياً أن تصل النسبة بين 35 40% كحد أدنى وفيما يلي بعض الحلول التي أتوقع أنها ستساعد القائمين على الخطة لزيادة النسبة المتوقعة على النحو التالي:
  • التركيز في جعل مدينة مسقط مركزاً مالياً عالمياً للتجارة والأعمال خلال الأربعة أعوام القادمة؛ حيث إن هناك العديد من المقومات التي تساعد في تحقيق هذا الأمر وهي الموقع الاستراتيجي للسلطنة بين الشرق والغرب، والقوانين والتشريعات الرصينة والتي تشجع على الاستثمار، وتطبيق نظام التأشيرات الجديد، وتوفر البنية الأساسية من مطارات عالية المواصفات وموانئ عالمية والخدمات العامة الأخرى، وكذلك علاقات جيدة مع مختلف دول العالم التي يمكن توجيهها لتكوين شراكات وتحالفات اقتصادية تعود بالنفع الكثير للاقتصاد العماني وقبل هذا وذلك وجود الرغبة الصادقة والإرادة القوية للتغيير والنمو والتطوير من قبل الحكومة وعلى رأسها السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه-.
  • الاهتمام بقطاع الصناعة والتصدير اهتماماً بالغاً خلال الأربعة أعوام القادمة؛ حيث إن هذا القطاع هو الذي انتشل معظم اقتصادات الدول الفقيرة مثل سنغافورة وماليزيا والصين وتركيا وغيرها وجعلها في مصاف الدول المتقدمة ذات الاقتصاديات المؤثرة في العالم؛ بل يجب علينا أن نطور صناعاتنا الحالية من صناعات خفيفة مثل البلاستيك وغيرها إلى صناعات أكثر منافسة على المستوى المحلي والعالمي والتي تدر المنافع على الاقتصاد العماني والحديث في هذا الجانب يحتاج إلى تفصيل أكثر ربما في مقالات أخرى قادمة إن شاء الله تعالى.
  • تطوير ما نمتلك ثروات طبيعية مثل الذهب والمعادن والرخام والثروة السمكية والزراعية والطاقة الشمسية وغيرها وجعلها صناعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد وطبعاً طريق نمو وتطوير هذه القطاعات شاق ولكنه الأدوم والأكثر نفعاً للاقتصاد على المستوى الزمني المتوسط والبعيد.
  • نشر ثقافة العمل والعطاء والبذل والاجتهاد في مختلف وسائل الإعلامخاصة في هذه المرحلة الحرجة- ورفع شعار عمان أولاً بين أوساط أفراد المجتمع؛ حتى يكتب لخطة التوازن المالي ورؤية عُمان 2040 النجاح على أرض الواقع، وإبراز ما يتحقق أو ما يتعثر منها بصورة شفافة للمواطن، وتكريم المحسن ومحاسبة المقصر.

عزيزي القارئ هذه بعض المُؤشرات على خطة التوازن المالي بشكل مختصر التي أتمنى أن أكون قد وفقت في عرضها، سائلاً العلي القدير أن يوفق هذه البلاد وسلطانها المفدى للتقدم والتطور والازدهار.

تعليق عبر الفيس بوك