العيد الوطني الخمسون المجيد

 

محمد البادي

Mohd.Albadi1@moe.om

خمسون عاماً من الكفاح والنضال والعمل العظيم بذلها رمز عُمان الخالد؛ جلالة السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- قبل أن ينتقل إلى جوار ربه، سطّر خلالها حروف دستور النهضة المُباركة؛ ورسم لوحة مسيرتها المظفرة؛ التي ننعم بخيراتها اليوم في كافة مسارات الحياة الإنسانية.

فبعد أن عاشت عُمان لفترة من الزمان في العزلة والجمود والانقطاع؛ استطاع جلالة السلطان قابوس - رحمه الله- أن يحولها في زمن قياسي إلى دولة عصرية؛ عمادها الإنسان وروحها رسالة السلام وقوامها نهضة جبارة قامت مبادئها على الأمن والأمان، والتعايش السلمي مع كافة شعوب العالم لنشر الخير وبناء السعادة الإنسانية في هذا الكوكب، لتساهم سلطنة عُمان بكل مفردات تاريخها العريق في سجل الحضارة الإنسانية.

 

لقد كانت للسلطان الراحل ـ رحمه الله ـ كلمات مُضيئة تعبر عن مكانة وأهمية العيد الوطني في نفسه؛ حين أشار إلى ذلك بقوله: " الثامن عشر من نوفمبر هو العيد الوطني لبلادنا، والأعياد الوطنية للأمم رمز وعزة وكرامة، ووقفة تأمل وأمل للماضي والمُستقبل، ماذا فعلنا؟ وماذا سنفعل؟ وليست المهرجانات والاحتفالات والأفراح سوى نقطة استراحة والتقاط الأنفاس لمُواصلة رحلة البناء الشاقة والانطلاق بالبلاد نحو الهدف المنشود".

إن احتفال السلطنة بالعيد الوطني الخمسين المجيد يوم الثامن عشر من نوفمبر يحمل في ماهيته معانٍ جليلة؛ وأهدافٍ ساميةٍ عظيمة، فهو احتفالٌ بأعظم الإنجازات وأجمل الذكريات، وتخليداً لذكرى الرجال الأوفياء والقادة العظماء من أبناء هذا الوطن العزيز، كما يأتي من منطلق الإيمان العميق بأنَّ الطريق ماضٍ إلى غدٍ مشرقٍ؛ تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم -أيده الله- الذي اختاره جلالة السلطان قابوس ـ أعزَّ الرجال وأنقاهم ـ ليكون خير خلف لخير سلف، وهو يقود مسيرة النهضة إلى المزيد من التجديد والتطوير على كافة مستويات وقطاعات الحياة؛ تحت شعار "عُمان نهضة متجددة".

كما أنّ احتفال السلطنة بالعيد الوطني الخمسين 2020، يعكس دلالاتٍ عميقةٍ في ترسيخ مفهوم المواطنة، والتأكيد على الإرث الحضاري لعُمان؛ بكل منجزاته ومقدراته ومفرداته؛ والتي تعتبر دليلاً بارزاً على العمل والمثابرة والجهد العظيم المبذول طوال خمسة عقود من هذه المسيرة المباركة.

أخيرًا، فإنَّ ما يجب التأكيد عليه هو أنه رغم الظروف الراهنة التي تعصف بالعالم، يبقى التمسك بالأمل، وأن الحياة سوف تعود إلى عافيتها، وأنَّ الطموح كبير والعمل هو سبيلنا للتقدم، ورهاننا بلا حدود؛ وأملنا سيظل معقوداً على العقول النيرة والسواعد التي تبني بلا كلل في سبيل علياء هذا الوطن وأمنه ورخائه.

وخير ما نختم به هذا المقال؛ ما ختم به السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ كلمته بمناسبة العيد الوطني الثامن المجيد عام 1978م بقوله: "ختاماً نتوجه بالشكر لله العلي القدير، ونسأله عزّ وجلّ أن يديم بسط حمايته على بلدنا الحبيب، وأن يمدنا بالقوة والعزم لكي نقوم بواجبنا لخدمة وطننا والبشرية جمعاء، نهنئكم بالعيد، ونرجو لكم أياماً سعيدة، وفقكم الله وسدد خطاكم إلى ما فيه خير هذا الوطن".