الثقة وصناعة الفارق

 

مدرين المكتومية

إننا في هذه الحياة نحتاج للكثير من الأشياء ولكن من أهم هذه الأشياء نحن نحتاج لثقة، تلك الثقة التي تجعلنا نشعر وكأنَّ كل شيء يمضي في الحياة وفق نظام مُعين، وأننا نعيش الحياة بكل صدق وتفانٍ، فالثقة طريق لكل الأشياء الجميلة، خاصة تلك الثقة التي تجعلك تعلم أنَّ هناك شخصاً ما في أقصى الجنوب يُؤمن إيماناً صادقاً أنك في أقصى الشمال تكن له كل الخير والحب والاحترام، والثقة التي تجعل مسؤولك في العمل يُعطيك الصلاحيات التامة لتوجيه العملية بأكملها، تلك الثقة التي يزرعها فرد ويُعممها على من حوله لتصل بصورة سريعة لمجتمع بأكمله.

وعندما نطرح سؤالاً كهذا، أين تكمن أهمية الثقة في حياة الناس والمؤسسات وأيضًا الدول..؟  فهي تكمن بالتأكيد في زرع الثقة العالية في حياتنا في مختلف علاقاتنا الإنسانية، والتي بدورها تؤثر على نجاح العلاقات ونموها بصورة صحيحة، وعندما تتراجع ويبدأ الشك والتضليل وافتراض سوء النية، يكون الفشل هو النتيجة الحتمية بالتأكيد.

إننا في زمن نحتاج فيه لمزيد من الثقة في كل شيء، الإنسان الذي ينشأ وسط عائلة تمنحه الثقة تجده دائماً على استعداد تام لخوض التجارب وإثبات قدراته أمام الآخرين، ودائمًا ما ينجح، وإن فشل مرة فهي طريق له نحو نجاحات أخرى قادمة، فهو يصنع من الفشل سلماً للنجاح، والأمر مرتبط بكل جوانب الحياة، فالمجتمع الذي يتسم أفراده بالثقة دائما ما يحقق تقدماً لهم على مختلف الأصعدة، وكذلك الحال بالنسبة للمؤسسات والدول.

مسألة الثقة ليست شيئاً سهلاً، وإنما هي أداة ووسيلة حتمية لصناعة الفارق وتحقيق إنجازات كبيرة، الثقة حتى في العلاقات ليست أمراً بسيطاً وهيناً، وإنما هي أساس النجاح وأساس الاستمرار، خاصة وأنه عندما يبدأ الشك في الدخول في أي علاقة، يفضل أن يقوم صاحبها بقطع تلك العلاقة على الفور، فالشخص لا يملك الوقت والجهد للبذل في علاقة غير واضحة وتخلو من الثقة، والاستمرار فيها يعني ساعات وأيام متتالية من التوتر والضغط النفسي الذي لا يؤدي بنا إلا نحو الهاوية وإلى طريق مسدود بالتأكيد وربما في مصحات نفسية.

وفيما فما يخص الثقة علينا أن ندرك أن ما ينطبق على الأفراد ينطبق على المؤسسات والعمل فيها، وينطبق على الدول، فعلى سبيل المثال خسارة ترامب مثلاً كانت نتيجة محاولات من التخريب وتشكيك في الصين والمكسيك والعرب، وتدمير الثقة بين طوائف المجتمع الأمريكي مما جعل المجتمع في حالة من الثوران وعدم التوازن. فعندما تغيب الثقة ويدخل التشكيك لا تعود الأمور لما كانت عليه، ويلزمها بتر حاد حتى ينتهي الأمر، وبالتالي دعونا دائمًا نثق بأنفسنا بحدود المعقول أيضاً وليست الثقة التي توصلنا لمرحلة الغرور، ومن ثم سينعكس ذلك بالتأكيد على ثقتنا بمن حولنا، ولنفترض دائماً حسن النوايا في كل شيء حتى لا نجد أنفسنا نعيش في حالة من عدم الاستيعاب والتوتر.