النموذج العماني
د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي
لعقود والفن السابع وهو السينما يتربَّع على عرش التسويق السياحي فقبل ظهور التلفاز نقلت شاشات السينما في أنحاء العالم صور ومشاهد رائعة لمعالم سياحية عالمية مثل برج إيفل والأهرامات وبرج بيزا وتم تداولها في أنحاء العالم قبل ظهور الإعلانات حيث لعبت تلك المعالم السياحية التاريخية دوراً هامًا في الترويج لدُولها.
عليه فقد حان الوقت لأن نفرض إلزامية الإيمان بقدراتنا الحضارية والثقافية والسياحية وأن عُمان بها من المقومات والمعالم التي يُمكن من خلالها بلورة استراتيجية طموحة ركيزتها التسويق الإعلامي للتراث السياحي؛ حيث يلعب الإعلام المرئي وخاصة كاميرا السينما دوراً هاماً في هذا النمط التسويقي، وفي حوار مع المخرج السينمائي الدكتور خالد بن عبد الرحيم الزدجالي، أكد لي أنَّ العالم به العديد من المشاهد والمناظر الطبيعية الخلابة، إلا أن عين الكاميرا ترغب دائماً في استكشاف المواقع الجديدة مثل الحصون والقلاع والجزر والجبال والسواحل التي تزخر بها كل بقاع السلطنة، وعقّب قائلاً إن تكرار المشاهد والمواقع أصبح أمراً مملاً لدى المشاهدين لذلك الفرص مواتية لدينا لدعوة العديد من المنتجين السينمائيين العالميين لاستغلال تلك الفرص بالسلطنة. (دكتور خالد بن عبد الرحيم مخرج فيلم "البوم" أول فيلم سينمائي عُماني، كما أخرج كذلك فيلميّ "أصيل" و"زيانة").
المعروف أنَّ قطاع السينما ينتج ما بين ٣٠٠٠ إلى ٤٠٠٠ فيلم سنوياً عالمياً وتتراوح مداخيل صناعة السينما العالمية بين 70 و 100 مليار دولار سنوياً ونتمنى أن تحظى السلطنة ببعض من تلك الفرص، وإن كانت هناك فرصة أو فرصتين ظهرت بهم السلطنة في بعض الأفلام العالمية، وبشق الأنفس إلا أنها لم تحقق الهدف المرجو من ورائها.
تلعب الصورة السينمائية دوراً مهماً في أنها تمثل ذاكرة الدول كما هو شأن العديد من الدول مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا والهند ومصر حيث عملت على ترويج وتسويق مشاهد جميلة عن عمرانها وعاداتها وتقاليدها حتى تغدو مقصدا سياحيا عالميا.
وللسلطنة حضور سينمائي مميز يتجلى من خلال وجود جمعية السينما العمانية ومهرجان مسقط السينمائي وعدد من الأفلام السينمائية التي تم إنتاجها محلياً.
وكلها مُؤشرات تساهم في الترويج لهذا النشاط السينمائي السياحي ولدينا بالسلطنة مميزات قد تساهم في عوامل الجذب للمنتجين السينمائيين ومنها على سبيل المثال انخفاض معدل الضرائب وأجور العمال المساندين وهو أمر يهم كافة منتجي الأفلام حيث ترتفع التكلفة في بعض الدول وخاصة بلدانهم وقد لجأت بعض الدول مؤخراً لإعفاء تلك الأنشطة من الضرائب عند التصوير في بلدانهم.
فكل ما تحتاجه هو تسهيل الحصول على التصاريح اللازمة وإزاحة أي تعقيدات قد تُواجه المنتجين والعمل على جذبهم بكل الوسائل المتاحة، وفي ظل تعاظم قدرة قطاع السياحة يجب أن نعمل على إعادة بريق القطاع فينتعش قطاع الفنادق والطيران واللوجستيات لعدة أشهر عند تصوير أي فيلم أو حتى مشهد.
لربما هناك صعوبة مالية للترويج السياحى المباشر لدينا لذلك يمكننا توظيف مثل هذه الفرص واستغلالها للترويج سياحياً للسلطنة وإدرار دخل من خلالها.
قلاعنا الشامخة (نزوى وبهلا وجبرين) شواطئنا الممتدة على طول بحر العرب وخريف صلالة المميزة وجبالها الخضراء وجزرنا البحرية كلها تعد فرصاً استثمارية رائعة يجب ترويجها للمنتجين السينمائيين وشركات السينما العالمية.
لقد استطاع العديد من الدول التي تم تصوير بعض الأفلام بها تحويل تلك المواقع إلى مزارات سياحية ومنها موقع تصوير فيلم حرب النجوم في تونس وموقع في جزيرة مالطا وغيرها من الدول وهذا ما نصبو إليه في حال استغلال أي موقع تراثي أو إنشاء موقع تصوير ويحول إلى نقطة جذب سياحية لاحقاً.
فبإمكان وزارة التراث والسياحة ووزارة الداخلية ممثلة بالمحافظين والولاة وكذلك وزارة الثقافة والرياضة والشباب تكليف أو مشاركة الجمعية العمانية للسينما بهذا الدور وتقديم أي دعم إداري وفني لهم حتى تُعد استراتيجية طموحة لتنفيذ ودعم المقترح.
إنَّ تنويع مصادر الدخل أمر حتمي في هذه المرحلة ولدينا الفرص ويجب تفعليها بصفة عاجلة.