"إدارة جديدة للبيت الأبيض" هو الخيار الأوحد

ولاية ثانية لترامب "قد تعني" نسف المظلة الأمنية الأمريكية في آسيا

ترجمة - رنا عبدالحكيم

طرح تقريرٌ نشرته صحيفة "فاينناشل تايمز" البريطانية سؤالًا عن كيف ستحدِّد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، ميزان القوى في آسيا؟ مستندا في ذلك أنَّ تمركُّز القوات الأمريكية في آسيا منذ الحرب العالمية الثانية، وعلى مدى عقود، أسهم في نمو الاقتصادات الأكثر ديناميكية في العالم -بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان- بسرعة، أصبحت معها ديمقراطيات مزدهرة.

وبعد هذه السنوات، وفي ظل حالة الضبابية التي تخيم على المشهد السياسي الأمريكي، بات الوجود العسكري الأمريكي والذي كان حاسماً للغاية لسلام المنطقة واستقرارها، موضع شك؛ فحتى اليوم، تعمل الولايات المتحدة كضامن لأمن حلفائها، وكرادع لكوريا الشمالية المسلحة نووياً بقيادة كيم جونغ أون ولصين قوية وحازمة على نحو متزايد في عهد شي جين بينج.

إلا أنَّ التقرير البريطاني يرى أنَّ دونالد ترامب "هزَّ المظلة الأمنية الأمريكية في آسيا حتى صميمها"؛ فهو يريد من الحلفاء دفع المزيد من الأموال مقابل الدعم العسكري الأمريكي، كما أنَّه أثار إمكانية سحب القوات إذا لم يفعلوا ذلك. ويجادل بأن العديد من الدول أخذت الحماية من الولايات المتحدة لفترة طويلة جدًا كأمر مسلم به. قد يعني هذا رحيلًا محتملاً لـ30 ألف جندي أمريكي من كوريا الجنوبية، وأكثر من 50 ألف جندي من اليابان، وآلاف آخرين عبر غوام وأستراليا والفلبين وسنغافورة وتايلند.

ليبقى السؤال المُلح حول مدى استعداد وقدرة هذه الدول على الدفاع عن نفسها؟

ويجيب تقرير "فايننشال تايمز" بأنَّه وبنسبة كبيرة جدًّا سيكون هذا الاحتمال مُخيفًا، خصوصا إذا ما وُضِع في الاعتبار التوسُّع السريع للجيش الصيني، وترسانة كيم جونج أون سريعة التوسع من الأسلحة النووية والكيميائية.

وتكمُن أهمية وجود القوات الأمريكية في المنطقة في أنها لا تمنع دولًا مثل الصين أو كوريا الشمالية من اتخاذ خطوات عدوانية ضد جيرانها. إنَّها أيضًا حقيقة أنه، للأسف، لدينا في آسيا الكثير من الخلافات المعلقة بين دول المنطقة، ومن ثمَّ فإنَّ احتمال اندلاع صراع -بما في ذلك بين الدول المسلحة نوويا- سيكون مدمرا للولايات المتحدة اقتصاديًّا.

إذن، هل هذا مجرَّد ابتزاز من قبل الرئيس الأمريكي لمحاولة الضغط على المزيد من الأموال من حلفاء أمريكا؟ فقد قال: "لدينا أعظم المعدات العسكرية في العالم، وستطلب كوريا الجنوبية مليارات الدولارات من تلك المعدات".

وإلى جانب ذلك، يُشير سجل ترامب إلى أنه قد يتابع تهديده بالفعل.. لقد خفَّض بالفعل عدد القوات الأمريكية في أجزاء من أوروبا والشرق الأوسط، فوجود قوات في الخارج مكلف ولا يحظى بشعبية كبيرة في الداخل دائمًا، لكنَّ الخبراء العسكريين يجادلون بأنه خيار طويل الأمد أفضل من محاولة دعم الحلفاء من بعيد.

وتحتاج الحكومتان في سيول وطوكيو إلى موازنة الضغوط. فمن ناحية، هناك رئيس الولايات المتحدة المتقلب الذي لا يمكن التنبؤ به. ومن ناحية أخرى، هناك السكان المحليون الذين يريدون الأمن ولكنهم لا يريدون أن يعاملوا كمستأجرين في بلدانهم.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية بعد أيام قليلة، يُفكر البعض في واشنطن فيما قد يتعيَّن على جو بايدن القيام به لإصلاح الضرر الذي لحق بنظام التحالف الأمريكي في آسيا إذا أصبح رئيسًا. فإذا كانت هناك إدارة جديدة، فبإمكان الولايات المتحدة استعادة تلك التحالفات إذا قامت بالعمل أو البحث عن بدائل.

ومع ذلك، يظل احتمال ولاية ترامب الثانية كرئيس احتمالًا حقيقيا. ويأمل خبراء آخرون أنه على الأقل في مكان ما في واشنطن، لُقنت الدروس بعد خروج أمريكا المتسرع من صراعات مثل البلقان والعراق.

وبالنسبة للعديد من الأمريكيين، تتوقف أزمة وجودية محتملة على نتيجة انتخابات 3 نوفمبر، فقد يكون الأمر نفسه صحيحًا بالنسبة لمئات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء آسيا.

تعليق عبر الفيس بوك