إيجابيات "كورونا"

بدرية بنت حمد السيابية

أصبح اسم "كورونا" مشهورا في العالم أجمع، الجميع يتغنى ويتحدث عن سلبيات وإيجابيات هذا اللغز الذي احتار فيه العلماء والأطباء، أصبح كأنه شخص منا وفينا، يأكل ويشرب ويضحك ويبكي ويفرح ويحزن، له أحاسيس ومشاعر، نحمد الله على الابتلاء في الحياة الدنيا، وما هو إلا اختبار ليرانا الله على تحمُّله وشكره على نعمة هذا المرض المميت، كيف كُنا؟ وكيف أصبحنا؟ وهل سنقدر نعمة الصحة حتى نشعر بمعني فقدان شخص عزيز علينا؟.. الفقد المؤلم.

لكلِّ شيء في هذه الحياة سلبيات وإيجابيات؛ فدائماً الإنسان وبطبيعته البشرية يُحب أن يشكر الله في الفرح أكثر من الشكر له في الحزن على سبيل المثال: "إذا رسب أحدهم في الاختبار تجده يلوم المعلم أو الزمن والمكان ولا يلوم نفسه، فأنت من وضع نفسه في هذا الموقف، ولم يحمد الله على ما هو عليه، سواء كان ذلك يسعده أو لا"، وكثيرة هي الأمثلة والمواقف التي نعيشها.

"كورونا" غيَّر الحياة، وجعلها أكثر أهمية لدى البشر من كل الزوايا؛ فجعلهم أكثر ترابُطًا وتلاحمًا، وجعل الدعاء يتردَّد بلسان واحد وإن اختلفت اللغات، أصبح الدعاء: "اللهم أرفع عنا الوباء"، كل حسب طريقته ولغته، ولكن النية واحدة، يتقرَّبون لله في كل وقت؛ سواء قراءة القرآن الكريم أو الاستغفار، أعاد الترابط الأسري خاصة بين الأب وأبنائه بحُكم عمله بساعات طويلة خارج البلاد أو داخلها، ازداد حبهم للحياة عندما أحسوا بأن هناك وباءً منتشرًا لا يرحم يقضي على الصغير والكبير، أصبحت الكرة الأرضية أكثر نقاء سواء في سمائها أو أرضها، نقاء هوائها وتقليل التزاحم في طرقاتها من سموم عوادم المركبات الصغيرة والكبيرة.

كما أنَّ البعضَ أصبح يُفكر كيف سأقضي وقتي، فتفجَّرت الأفكار لديهم والإبداعات، ورسموها على أرض الواقع بدقة؛ فمن كانت لديه موهبة تركها مركونة على رف النسيان، أصبح الآن يخصص لها وقتا لينمي مواهبه عبر دخوله دورات أو ورشا عبر تطبيقات إلكترونية كان عبر تطبيق زووم أو مجموعات واتسابية، وانتشرت مُؤخرا في تسهيل عملية التواصل بين مستخدميه واستخدمت للشيء الإيجابي، ومن لديه موهبة الكتابة وابتعد قليلاً عنها بسبب ضغوط الحياة عاد إليها عودا حميدا، فأصبح يُعبر عما اشتاق إليه من تعابير لينمي موهبته بالاستمرار دون توقف.

وفي الجانب التعليمي، ستصبح هناك نقلة تعليمية إيجابية عبر الدمج التعليمي مجهزة من قبل الكادر التدريسي، وهو نظام جديد على طلابنا وهناك صعوبة من قبل بعض أولياء الأمور في تقبل هذا التعليم المدمج؛ وذلك تخوفا من عدم التمكن من تحقيق النجاح، ولكن هذا ما لزم علينا تقبله، وهو شيء جديد، والأجمل أن نتعلم بكل الطرق سواء بالتعليم الإلكتروني أو التقليدي، ولا نجعل السلبيات تحبِّط من الاستمرارية ونقبل الوضع الحالي بخيره وشره.

ومن الجانب الاجتماعي: قلة مصاريف الزواج من إقامة الأعراس في القاعات الفخمة، والتي  تُصرف عليها الأموال الطائلة مع الإسراف والتبذير في المأكل والمشرب، وكل ذلك سيكون عبئاً على المقبلين على دخولهم القفص الذهبي "الزواج".

أصبحنا نتذمَّر كثيرا على ما نحن عليه، وظلَّت الأسئلة تترنَّم في مُخيلتنا: لماذا؟ وكيف ومتى ستنتهي كل هذه الفوضى والتشتت العالمي؟

نعم.. سيزول الوباء بأمر من الله، فهو القادر على شيء، وما لنا غير الدعاء، والحياة لن تتوقف عجلتها، بل ستستمر نحو مستقبل مشرق.. نسأل الله السلامة والعافية للجميع.

ويجب علينا كأفراد مجتمع أن نبعَث الرسائل الإيجابية، وأن نلتزم بكل الإجراءات اللازمة.

تعليق عبر الفيس بوك