عبيدلي العبيدلي
في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر 2020 انطلقت أعمال الدورة التدريبية الافتراضية الأولى لتدريب المدربين لتنفيذ النسخة الثالثة من مبادرة "تعزيز الابتكار وريادة الأعمال للعام الدراسي 2020-2021". وهي النسخة الثالثة من مبادرة أولمبياد المدارس المعروف باسم "ريادة الأعمال والابتكار: الولوج لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030".
تجسد هذه المبادرة تلك الشراكة الاستراتيجية المبدعة والقابلة للنمو والتطور، والممتدة لسنوات طويلة بين كل من وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين ومكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا بمنظمة الأمم المتحدة للتنمية "اليونيدو".
وفي كلمته الافتتاحية رحب د. هاشم حسين رئيس مكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا بمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بالمشاركين في الدورة الافتراضية الأولى لتدريب المدربين. وفي الوقت ذاته هنأ الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى للعام الماضي وأشاد بدور وزارة التربية والتعليم. كما أعرب عن فخره بنجاح المبادرة وتطورها حيث إن النسخة الأولى تم تنفيذها على 8 مدارس فقط. ثم في السنة الثانية على 31 مدرسة من التعليم العام واليوم تم إضافة المدارس الصناعية والتلمذة المهنية وعددا من المدارس الخاصة. كما أنه للمرة الأولى سيتم توزيع المدرسين على فرق لإعداد مشاريع مبتكرة تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وبالنسبة للأرقام ذات العلاقة، أشار د. هاشم قائلا، بالنسبة إلى العام الدراسي 2019-2020، "بدأنا العمل مع 31 مدرسة وبمشاركة 800 طالب. وقد تم العمل من خلال مستشاري اليونيدو عبر التواصل والتنسيق مع المدرسين القائمين على البرنامج في كل مدرسة". وأكد د. هاشم في كلمته، على أنه "رغم جائحة الكورونا، التي أرغمت الجميع على "التحول إلى التعليم عن بعد، وصعوبة التواصل السلس... فقد تمَّ تقديم 69 مشروعاً، من 25 مدرسة، من بينها 76% من مدارس البنات".
ولعل في هذه النظرة المتقدمة التي يتمتع بها مكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا بمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية في الربط العميق بين برامج ريادة الأعمال والمناهج التعليمية في المنظومة التعليمية، ومن بعدها في خطط التنمية الوطنية.
لذلك تُثير هذه المبادرة التي توقد شمعتها الثالثة هذا العام، تساؤلا في غاية الأهمية وهو العلاقة بين ريادة الأعمال والتعليم. والحقيقة أن هناك ما يشبه الإجماع، كما يرد في مقالة الكاتب عمر الرويلي على أنه "لا يختلف اثنان على أن التعليم بمناهجه له دور كبير في هذا السياق، حيث تمثل المؤسسات التعليمية أهم محركات التقدم ونقل المعرفة والابتكار، وتعكس كيفية الاستفادة من الإمكانات والكفاءات في تبنّي الفكر الريادي، وغرس المهارات والسمات الريادية، من خلال أساليب منهجية متكاملة تقود إلى إطلاق مشاريع ذات أثر اقتصادي ملموس".
وهو أمر تشير له أيضاً الكاتبة الجوهرة بنت تركي العطيشان، حيث نجدها تؤكد على "إنَّ المفتاح الحقيقي لعالم ريادة الأعمال الذي تعرفه الحكومات العربية وتتجاهله، هو التعليم الذي ينبغي أن تتضمن مناهجه أبوابًا عن فكر ريادة الأعمال، وإعداد الشباب للمستقبل، وخلق جيل من شباب رواد الأعمال يؤمن بفكر الريادة والعمل الخاص، وليس البحث عن وظيفة حكومية تقتل مواهبه وتحوله إلى مجرد آلة تنفذ المطلوب منها".
أما د. محمد بن حمود العامري، فيرى في ورقته التي قدمها إلى "المؤتمر الدولي السابع لكلية التربية وريادة الأعمال: الفرص والتحديات"، أن "موضوع ريادة الأعمال من الموضوعات الحديثة نسبياً في مؤسسات التعليم العالي، حيث تواجه تلك المؤسسات ضغوطا خارجية تتعلق بتطوير برامجها ومناهجها بحيث تكون هناك قابلية لتوظيف الخريجين في المستقبل. وتؤكد الدراسات الحديثة أنَّ تعليم فنون ريادة الأعمال يُلبي هذه الحاجة ويُعالج أجندة التوظيف في التعليم العالي، وتساهم أيضاً في تحولات جذرية في تطوير ما يسمى بـ (عقلية ريادة الأعمال). .... إذا ما تم اعتبار عقلية الريادة جانبًا أساسيًا في فنون تعليم ريادة الأعمال، فإن الهيئة التدريسية في تلك المؤسسات تحتاج إلى فهم جيد لما يعنيه هذا المفهوم وكيف يُمكن تدريسه".
وعلى نحو مواز تشير ورقة مشتركة من إعداد منية المغيربي وجمانة صلطي تحمل عنوان "استراتيجية لإدراج ريادة الأعمال ومهارات القرن 21 في قطاع التعليم العربي" "إلى تحول الاقتصاد العالمي من اقتصاد صناعي إلى اقتصاد معرفي يتطلب مجموعة مختلفة تماماً من المهارات والكفاءات التي على القوى العاملة اكتسابها، في ظل عدم تمكن نظم التعليم من مواكبة المتغيرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي. ومن هذا المنطلق، لابد من إعادة صياغة نظم التعليم ضمن مفاهيم ومبادئ الاقتصاد المعرفي، وذلك للتمكن من إكساب الطلاب مهارات القرن الحادي والعشرين – والتي لا تمكنهم من اكتساب المعرفة فحسب بل تمنحهم القدرة على تطبيق تلك المعرفة أيضا."
أما رويدا السعايدة، فتنقل عن الخبير والمحلل الاقتصادي مازن مرجي دعوته لضرورة "توفير بيئة محفزة للريادة بدءاً بالروضة والمدرسة وصولاً إلى الجامعات وتتوج بالرعاية الحكومية من خلال المؤسسات العلمية والثقافية والاقتصادية القائمة. وينبه مرجي إلى أن تحفيز الريادة يجب أن يبدأ من السنوات الأولى في المدرسة بتشجيع الأطفال في كل المراحل العمرية من خلال أساليب تعليمية معروفة عالميا ومشاريع مدرسية تعليمية. وهو لا ينكر دور الجامعات في إبراز الريادة في مجال التخصصات المختلفة".
من جانبها تخصص جريدة الرأي الأردنية مساحة واسعة تؤكد فيها على "أهمية التعليم الريادي"، حيث نجدها ترى أن "التعليم الريادي له أهمية في إكساب الطلبة والمُتعلمين والمتدربين سمات ومهارات السلوك الريادي، وإبراز تاريخ تعليم ريادة الأعمال في العالم وتعزيز مهارات ريادة الأعمال لدى الطلبة في الكليات والجامعات، من خلال البرامج التعليمية والتدريبية في الريادة. فالتعليم الجامعي يعد محوراً أساسياً في تنمية ريادة الأعمال وتطوير المهارات المرتبطة بها والسمات العامة لها، ومن الجدير بالذكر أنه يمكن استثمار دور التعليم الجامعي في تنمية ريادة الأعمال، فمحطة التعليم الريادي في المرحلة الجامعية قائمة على التحليل، وحل المشكلات بأساليب إبداعية وتشجيع التفكير الناقد والممحص، (مضيفة)، لقد اهتمت الدول العربية فقط بإنشاء مبادرات تهتم بفكر ريادة الأعمال، أو مساعدة القطاع الخاص على إنشاء مثل هذه المبادرات، وربما اكتفت بصناديق أو بنوك تمول رواد الأعمال، من دون أن تؤسس لمناهج تعليمية يتم من خلالها تدريس فكر ريادة الأعمال للطلاب".