لها هي وبكل اعتزاز سأظل أقول شكرًا

نجاح بنت محمد الراشدية

الفضل لله عزَّ وجلَّ وللقائد العظيم جزاه الله خير الجزاء وطيب ثراه وأكرم مثواه في رفعة منزلة المرأة العُمانية وتكريمها، حيث خَصصَ جلالته رحمة الله عليه لتكريمها يومًا مميزاً ليُذكر فيه ما قدمت من إنجازات ومبادرات مميزة، وكم تمنيت أن تُبرز تلك التضحيات والجهود العظيمة التي قُدمت من قبل أمهاتنا في زمن لم تكن التسهيلات متاحة وواجهن من التحديات الصعبة التي لم تعد موجودة هذه الأيام ولله الحمد والمنة، وهنَّ بالرغم من ذلك واصلن عطاءهن بكل عزيمة وصبر لأجل هذا الوطن الغالي ولهن منا كل التقدير والامتنان، أؤيد بالطبع تشجيع الشابات العمانيات الآن ومن الأهمية بمكان أن يتم تحفيز صاحبات الأعمال والمتميزات، ولكن هناك أيضاً بصمات نسائية كافحت وضحّت وقدمت الغالي والنفيس منذ بداية النهضة ولم تذكر أسماؤهن! وأتشرف اليوم بأن أذكر هنا سيدة عظيمة وهي مثال لتلك الوقفات والتضحيات التي قدمتها المرأة العمانية من الجيل السابق منذ بداية النهضة في عُمان وهي "أمي" والدتي الغالية الطبيبة التي بدأت مشوارها كأول إخصائية عيون عُمانية الدكتورة خديجة بنت عبدالله اليحيائية، والتي عرفها الآلاف من المواطنين والوافدين ومن كان معها يذكر الأعداد الهائلة التي كانت تتهافت إلى المشفى طلباً أن يكون علاجهم تحت يديها، منذ السبعينيات وهي تعمل بكل ما تستطيع لكي لا ترد أحدًا، كنَّا نرى سيارات الإسعاف تأتي إلى المنزل في أنصاف الليالي لنقلها في الحالات الطارئة، وتحملها الطائرات المروحية للمناطق النائية لتعالج المصابين هناك، وتواصل المناوبة بعد مناوبة لعدم وجود الكادر البشري الكافي، إنها أمي، أجرت مختلف العمليات الجراحية بأعداد لا تعد ولا نستطيع حصر عدد من عالجتهم وساعدتهم عن طيب خاطر دون أن تشتكي، عملت هذه المرأة العُمانية لقرابة الخمسة وثلاثين عاماً وهي في تلك العيادة بنفس الهمة، بحثت عن كل ما هو جديد في مجال عملها وكانت نشطة في الجمعيات الطبية لتطوير العمل والتقنيات المستخدمة كل ذلك وهي ترعى بيتها ووالديها وأبناءها دون تقصير، هي أمي، وحتى عندما تأثرت السلطنة بالأنواء المناخية وواجهنا الإعصار جونو، كانت ضمن الطاقم الذي عمل لساعات طويلة لإخراج جميع المرضى من مستشفى النهضة إلى سيارات الإسعاف لنقلهم إلى مستشفيات أخرى ولم تستطيع هي ومن معها الخروج بعد أن غرقت كافة المداخل وانقطع الطريق والكهرباء والاتصال وجمعت من كان معها من الطاقم الطبي في قاعة واحدة كان قد بدأ السقف فيها بالسقوط، ووالدها المقعد مع ابنها في منزلها الذي تأثر بالكامل!، وواصلت المسير أمي إلى أن تقاعدت بكل هدوء وتركت ذكرى طيبة لدى كل من عرفها.. هذه السيدة العظيمة رمز المرأة العمانية التي أفتخر وأفتخر وأفتخر بأنني ابنتها.. أرفع لها القبعة وبالنيابة عنكم جميعًا أقول لها شكراً.

تعليق عبر الفيس بوك