رسائل هيلاري كلينتون "السرية" تعمق الأزمة السياسية في أمريكا قبيل الانتخابات

ترجمة - رنا بعدالحكيم

أثارَ تحرُّك وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للإفراج عن شريحة جديدة من رسائل البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون (وزيرة الخارجية الأسبق) قبل الانتخابات الرئاسية المقرَّرة في نوفمبر، ردودَ فعل عنيفة من الديمقراطيين في الكونجرس، وعدم ارتياح داخل وزارة الخارجية، وفقًا لأربعة مسؤولين والعديد من مساعدي الكونجرس، حسبما ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.

وجاءتْ هذه الخطوة بعد أن انتقدَ الرئيسُ دونالد ترامب الوزير بومبيو، أحد أكثر أتباعه ولاءً، لعدم نشره رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون خلال فترة عملها كوزيرة للخارجية من 2009 إلى 2013. وسرعان ما انزلق بومبيو، وأخبر فوكس نيوز أن الوزارة تملك في حوزتها رسائل البريد الإلكتروني وأنه يدفع لنشر هذه الرسائل "بأسرع ما يمكن"، بما في ذلك نشر محتمل للرسائل قبل الانتخابات.

لكنَّ تصريحه ترك أسئلة أكثر من الإجابات، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني التي سيتم نشرها، ومتى ولماذا الإلحاح المفاجئ للإفراج عنها بعد ثماني سنوات تقريبًا من تنحي كلينتون كوزيرة للخارجية. وفي داخل مبنى وزارة الخارجية، يتساءل بعض المسؤولين المهنيين عما إذا كان اتباع أمر بومبيو يمكن أن يكون انتهاكًا لقانون "هاتش"، وهو قانون فيدرالي يحد من الأنشطة السياسية لموظفي الحكومة في سياق واجباتهم الرسمية.

واتخذ أحد المشرعين الديمقراطيين خطوة بتحذير المسؤولين صراحة من أن مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية. وغرد النائب توم مالينوفسكي وهو ديمقراطي من نيوجيرسي ودبلوماسي كبير سابق في وزارة الخارجية خلال إدارة الرئيس باراك أوباما، وقال: "أي موظف في وزارة الخارجية يساعده في التأثير على الانتخابات سوف ينتهك القانون". وأضاف: "بصرف النظر عن ذلك، إذا أمضى الوزير بومبيو وقتًا أقل قليلاً في إفساد سياستنا الخارجية حتى يتمكن من تكريس اهتمامه الكامل لإيذاء حملة هيلاري كلينتون، فتفضل قم بذلك".

ووصف العديد من مسؤولي وزارة الخارجية السلك الدبلوماسي بأنه منهك بالفعل نتيجة الانجرار إلى المعارك السياسية في عهد ترامب. وتخلى بومبيو عن الممارسة السابقة المتمثلة في بقاء وزراء الخارجية خارج السياسة الداخلية من خلال اتخاذ خطوات غير مسبوقة لخلط أولويات حملة ترامب الانتخابية مع الأعمال الرسمية لوزارة الخارجية. وشهد هذا العام أيضًا إجبار وزارة الخارجية على احتلال صدارة مشهد خلال جلسات محاكمة ترامب في الكونجرس، بينما اشتبك بومبيو مرارًا مع الكونجرس.

وقال مسؤول بالوزارة تحدث لـ"فورين بوليسي" شريطة عدم الكشف عن هويته: "من السيئ أن يتفوه بومبيو بما قاله فقط لإرضاء رئيسه". وأضاف: "إذا كان يدفع داخليًا بالفعل لاتخاذ إجراء حقيقي، فهذا أسوأ بكثير. ستشكل مثل هذه الخطوة خسارة كاملة لأي أفكار غير حزبية في السياسة الخارجية وإخضاعًا كاملاً للآليات الحكومية لأغراض انتخاب ترامب".

وانتقد مسؤول آخر تحرك بومبيو ووصفه بأنه "نفاق تام وسياسي بالكامل"، مشيرًا إلى رفض بومبيو تسليم الوثائق إلى لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب التي يقودها الديمقراطيون في قضايا أخرى. وقال المسؤول غاضبا: "كلنا نعتبرها مجرد مزحة، كيف يؤدي هذا إلى تقدم السياسة الخارجية؟ ما الذي يحتاج الشعب الأمريكي معرفته بالضبط من رسائل البريد الإلكتروني قبل أربع سنوات والتي لم تظهر بالفعل؟".

ووجد تحقيق وزارة الخارجية لمدة ثلاث سنوات حول خادم البريد الإلكتروني لكلينتون، والذي صدر العام الماضي، أن 38 شخصًا ارتكبوا 91 انتهاكًا أمنيًا من بين 33000 بريد إلكتروني فردي تم إرسالها إلى أو من خادمها الخاص خلال فترة عملها كوزيرة للخارجية. ومع ذلك، فقد خلص إلى أنه لم يكن هناك سوء استخدام واسع النطاق للخادم لإساءة استخدام المعلومات السرية.

وخلص تحقيق وزارة الخارجية إلى أنه "في حين كانت هناك بعض الحالات التي تم فيها إدخال معلومات سرية بشكل غير لائق في نظام غير سري لتعزيز الملاءمة، فإن الأفراد الذين تمت مقابلتهم كانوا على دراية بالسياسات الأمنية وبذلوا قصارى جهدهم لتنفيذها في عملياتهم".

ونشرتْ بالفعل وزارة الخارجية آلاف الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالعمل خلال فترة ولاية كلينتون كوزيرة للخارجية. وواصل بومبيو، حملته الشرسة ضد كلينتون، بحجة أن وجود معلومات سرية على خادم خاص يعد "سلوكا غير مقبول".

وحتى أولئك الذين انتقدوا استخدام كلينتون لخادم بريد إلكتروني خاص، لاحظوا أن كبار مسؤولي إدارة ترامب، بما في ذلك إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر، يستخدمون حسابات البريد الإلكتروني الخاصة وتطبيق واتساب لإنجاز أعمال حكومية رسمية والتواصل مع المسؤولين الحكوميين الأجانب. واستخدم مسؤولون آخرون في البيت الأبيض، بما في ذلك كبير موظفي البيت الأبيض السابق رينس بريبوس والمستشار ستيفن ميلر، حسابات البريد الإلكتروني الشخصية في أعمال الرسمية، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في عام 2017.

تعليق عبر الفيس بوك