ترامب يستميل حكومة جونسون بصفقة تجارية "كبيرة"

بين "تحول راديكالي" واتفاقية "الجمعة العظيمة".. آفاق مضطربة لعلاقات بريطانيا وأمريكا

ترجمة- رنا عبدالحكيم

قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إنَّه ووسط جدل واسع يترافق مع اقتراب الانتخابات الأمريكية المقرَّرة 3 نوفمبر المقبل، فإنَّ حكومة جُونسون عليها أن تخشَى ترامب وليس بايدن؛ مُعتبرة أنَّ الإحساسَ المتزايد بأنَّ الرئاسة الأمريكية تنزلق من بين أيدي دونالد ترامب سوف يُستقبل بارتياح هادئ في معظم المكاتب الحكومية في أوروبا الغربية، ولكن ربما ليس في لندن.

وأوضح مقال جديون راشمان -المنشور بالصحيفة- أنَّ حكومة جونسون يائسة لإظهار فوائد مغادرة الاتحاد الأوروبي، بعدما كان ترامب دائم الضغط والتأييد بشدة لخروج بريطانيا من الاتحاد، لافتًا إلى أن ترامب وعد المملكة المتحدة بصفقة تجارية كبيرة. بيد أنه وعلى النقيض من ذلك، حذر المرشح الديمقراطي جو بايدن من أنه لن يكون هناك اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة إذا انتهكت المملكة المتحدة اتفاقية الجمعة العظيمة للسلام في أيرلندا، وهو تعليق استقبله اليمين المحافظ بالصدمة والغضب.

لذا، فأي توق هادئ لولاية ثانية لترامب في داونينج ستريت أو في حزب المحافظين، يعتمد على سوء فهم عميق للمصالح البريطانية والطبيعة المحتملة لإدارة ترامب لفترة ولاية أخرى، خصوصا وأنه إذا كافح ترامب في طريق عودته إلى الصحة والعودة إلى البيت الأبيض، فإن إدارته الثانية ستكون أكثر راديكالية في سياستها الخارجية، وأكثر من ذلك ستكون قسرية تجاه المملكة المتحدة.. ولفتت الصحيفة إلى أنه لن يكون هناك كذلك مزيد من التسامح مع "خلافات السادة" حول مواضيع حساسة؛ مثل: إيران أو إسرائيل أو الصين أو تغير المناخ أو المحكمة الجنائية الدولية أو منظمة الصحة العالمية. وبدلاً من ذلك، فإن المدى الكامل لقوة الولايات المتحدة سيؤثر على لندن، لإجبار المملكة المتحدة على الوقوف في الصف.

وجاء مثال واضح على هذه التكتيكات الخلاف الأخير بين إدارة ترامب وحكومة جونسون، حول ما إذا كان ينبغي السماح لشركة هواوي -وهي شركة صينية- تزويد المملكة المتحدة باتصالات 5G، وذلك عندما أعلن البريطانيون عن صفقة لصالح هواوي، هدَّدت على أثرها الولايات المتحدة بسرعة بتقليص مشاركة المعلومات الاستخباراتية بموجب اتفاقية "العيون الخمس"، لذا لم يكن من المستغرب أن حكومة جونسون غيرت مسارها.

وتقع العلاقة الاستخباراتية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة في قلب العلاقة الخاصة. ولكن هناك الكثير من نقاط الضعف البريطانية الأخرى التي يمكن أن تستهدفها الولايات المتحدة؛ فبريطانيا عُرضة للعقوبات والرسوم الجمركية التي تستخدمها إدارة ترامب بشكل متزايد كأداة مفضلة لها في نزاعات السياسة الخارجية. ومن ثمَّ فإنَّ الذين يتخيلون أن ترامب لن يستخدم هذه التكتيكات ضد البريطانيين يخدعون أنفسهم. فهذه إدارة لم تتردد في التهديد بفرض رسوم جمركية أو عقوبات على كل من اليابان وألمانيا وهما -من الناحية الإستراتيجية- حلفاء أكثر أهمية من المملكة المتحدة.

وبحسب مقال راشمان في "فايننشال تايمز"، فإنَّ علاقة ترامب ببريطانيا، على حد تعبير أحد مساعديه السابقين، "سطحية بشكل ملحوظ"، ولا تتجاوز الاهتمام بملاعب الجولف ووجبات العشاء في قصر باكنجهام.

وعلى ذلك، فإنَّه وفي وجود فترة ولاية أخرى لإدارة ترامب، فإنها ستكون أقل صبراً بشأن هذه الاختلافات السياسية، وسوف يُطالب ترامب المملكة المتحدة بالولاء، وإذا لم يكن ذلك وشيكًا، فيمكن تصعيد الضغط بسرعة. فضلاً عن أنَّ خوف حزب المحافظين من بايدن مبالغ فيه؛ فالجالية الأيرلندية الأمريكية حازمة في دفاعها عن اتفاقية الجمعة العظيمة والتي تصب في مصلحة المملكة المتحدة الخاصة، لكنها ليست القوة المعادية للأنجلوفوبيا التي تخيلها رجال المحافظين المنعزلين.

وبايدن هو شخص متعدد الأطراف وملتزم بشدة بالتحالفات الأمريكية، وينتمي مستشاروه في السياسة الخارجية إلى نخب الساحل الشرقي، التي تربطها علاقات ثقافية وتعليمية قوية بالمملكة المتحدة.

تعليق عبر الفيس بوك