د. خالد بن علي الخوالدي
أبى عام 2020 الرحيل دون أن يزيد المواجع ويحبس الأنفاس، وقد بدأ هذا العام موجعاً لنا بوفاة أعزَّ الرجال وأنقاهم جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في شهر يناير، وفي نفس الشهر بدأنا نقرأ ونسمع أكثر عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) ليأتي إلينا ويحرمنا من الاستمتاع بمتع الحياة المُختلفة، ولم يرحل هذا العام الذي لن تنساه البشرية طوال تاريخها إلا وقد أزال البسمة من محيانا بوفاة أمير الإنسانية الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح.
وإن كنَّا نؤمن بقضاء الله وقدره في كل ما يصيبنا إلا أن بعض السنوات كما عرفنا سنوات خصب وخير وفضل من الله، وبعض السنوات سنوات قحط ومشقة وتعب، فقد قال المولى سبحانه في محكم التنزيل على لسان سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام (قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ( 49) صدق الله العظيم ، وإن كانت هذه السنة قد أثرت فينا أيما تأثير وفي مختلف نواحي الحياة إلا أنَّ فقد مولانا السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- وعاصفة كورونا ووفاة أمير الإنسانية الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- أهم الأحداث على الإطلاق.
فبوفاة الأب القائد السلطان قابوس فقدنا عموداً من أعمدة الاستقرار في المنطقة والعالم، فقدنا رجل السلام والحكمة والرسوخ، فغيابه مؤثر جدًا ومحزن لنا كعُمانيين وكيف لا يكون كذلك وهو الأب الذي تعودنا أن نلجأ له في كل ما نتعرَّض له من عقبات ومصاعب لنستنير بفكره وعلمه وحنكته، وهو الذي يستضيء العالم كله بحكمته وبعد نظره.
وأكمل هذا العام أحزانه بفقدان أعزاء لنا بسبب فيروس كورونا (كوفيد 19) ولا يزال هذا المرض يفتك بأحبتنا ويقضي على الشباب والكبار والصغار، وحرمنا من السفر ومن الحركة حتى داخل بلداننا ومن نعمة الأهل والإخوة والأصحاب ومن الصلاة في المساجد وحرمنا من أمور كثيرة جداً كانت مصدراً من مصادر سعادتنا وفرحنا.
واختتم العام أحزانه بوفاة أمير الإنسانية وقائدها وملهمها الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح لتكتمل حلقة المآسي في هذا العام، وأمير الإنسانية مسمى عميق يدل على مدى تعلق هذا الأمير المتواضع بالقيم الإنسانية التي هي الأصل الأصيل الذي يجب أن يترسخ فينا كبشر، بذل جهده وماله وصحته في سبيل التصالح والتعاون والتكاتف والمحبة والسلام، وله في قلوبنا نحن العمانيين معزة خاصة ومحبة مستمرة على مدى الدهر، إنِّه رجل المواقف والإنسانية والتسامح والحب والوئام، أخ وصديق ومحب لقائدنا العظيم جلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- لم نسمع عنه إلا كل خير ولم نرَ منه إلا ابتسامة المحبة، لذا لا تستغربوا كمية الحب وضجيج وسائل التواصل الاجتماعي في البكاء عليه، هو فقيد غالٍ علينا وعلى الإنسانية جمعاء، سوف تفقدك المواقف يا رجل المواقف، وعمان أكثر الدول التي ستفقد المغفور له صباح الأحمد الجابر الصباح كما فقدت أغلى رجالها صاحب الجلالة السلطان قابوس، ورغم الفقد إلا أنهم سيظلون باقين في قلوبنا للأبد ولن يرحلوا منها مهما حدث.
سيرحل عام 2020 بعد أشهر قليلة وستبقى آثاره مُخيمة على قلوبنا وفي كل مفاصل حياتنا ولن ننسى هذا العام المُر والمُحزن والمُبكي لنا، لن ننسى من فقدنا وما أصابنا ونقول في الأخير (إنِّا لله وإنِّا إليه راجعون) ودمتم ودامت عُمان بخير.