سراب اللقاء

طفول سالم

 

كم هو عجيب هذا الليل بتُّ أسمع همس أختي وهي تقترب لتتأكد هل نمت، كيف تثور الذكريات في لحظة حنين، وتنخر القلب أوجاع الأيام. كم حكايات سردتها في عُمق الليل البهيم. وجود صوتها مثير، مثيرٌ جداً للغرابة.

لحظة افتراقنا كانت أرواحنا مُتصلة؛ ببراءة الطفولة كنَّا نعيش عالمًا مشرقًا مليئًا بالحياة، ‏كنت أنظرُ إليكِ في كل مرة تحكين لي الروايات. تلك التعابير لا يُمكن أن تفارقني تجاعيد عينيك عند الضحك وابتسامتكِ الطفولية تملأُ شدقيكِ فرحاً بما ترينه عندما أغضب لعدم إتمام الحكاية حتى النهاية.

   قد أحزن لأيام وأتشوق في انتظار وقتكِ الثمين الذي بدأ يقل في لقائكِ بي. ‏عندما تغادرين وتتخلين عن مُمارسة دور الراوي لم أبقَ وحيدة وحده خيالكِ وقف بجانبي. كالشعلة مضي يضيء حياتي؛ محترقاً كل ليلة تحت نسيج ضوء القمر وسرمديته. ‏شيئاً فشيئاً .. أتسلق لقلبكِ ‏أحاول الوصول لأكثر الأيام طمأنينة حينما كنتِ قريبة.

 الحياة في غيابكِ صارت ذَات أسوار عالية.. عاليةٌ جداً؛ وقصير قلبي عندها.

   أبحث عنكِ بالطريقة التي كنتِ بها تعلميني أن أعيش بفرح عندما أشعر بتوتر مهيئة نفسي لشيء أعرف أنه قد يكسرني، ‏أحببت وجودكِ بالطريقة الوحيدة التي عرفتكِ بها. أن أتعلم كبح مشاعري وأغلق عَيْنَيَّ وأجعل قلبي مفتوحًا باتساع. كنا ‏نبكي سوياً عندما أفترقنا ‏أنا وأنتِ وذلك القمر كان شاهداً على قسمنا الوحيد. لوَّح لنا في لحظة ظنناها ستدوم لِأبَد الآبدين.

   لم نكن نعلم بأنَّ الحزن سيقسم قلبينا وأن الحظ سيذوب كصقيع على الجدران. كنَّا وددنا أن نكسر تلك التعاويذ اللعينة. وينصفنا اللقاء ولو لمرة واحدة.

   قد لا تدرين بأن حُبي لكِ بدائيٌ ، طفولي ‏غير خاضعٍ للتدوير، ولا للكلمات الرنانة، ولأنكِ تعلمين بذلك تصمتين، مما يزيد من صعوبة الوصول لقلبكِ. فنسجتِ سياجًا شائكًا علقتِ عليه عمري أركض بين خيالات الأنين. لاهثة عندما أرى صورتكِ تمر كذكرى وأسابق ظلي إليها. أرفع يدي إليكِ متمسكة بثنايا ثوبكِ كل مساء ارتقب في سكون همسات اللقاء، لكنه مات ذلك المساء مكتئباً على رحيل في السراب البعيد.

تعليق عبر الفيس بوك