واقع دور الأسرة في التعليم عبر الإنترنت

د. زينب العجمية

إخصائية تقويم مناهج - وزارة التربية والتعليم

 

تُشير نتائج بعض الدراسات الأجنبية التي استقصت دور الأسرة في تعليم أبنائها عبر الإنترنت إلى أنَّه مع النمو في خبرات التعلم الكاملة عبر الإنترنت من مرحلة رياض الأطفال إلى نهاية مرحلة ما بعد التعليم الأساسي فإنَّ أولياء الأمور يتحملون مسؤولية أساسية في نجاح هذا الأسلوب من التعليم لدى أبنائهم؛ حيث يتولى ولي الأمر دورا جديدا، وهو دور المُعلم، وهذا الدور الجديد يوجب زيادة التفاعل والعمل المشترك بين المدرسة وولي أمر الطالب. وعلى الرغم ما يُحققه التعليم عبر الإنترنت من فوائد وخبرات معرفية، فإنَّ نتائج الدراسات أكدت وجود مجموعة من العوائق تحول دون قدرتهم على المشاركة في تجربة التعليم عبر الإنترنت لأبنائهم. وقد تكون المشكلة أكبر عند وجود طالب يُعاني من صعوبات في عملية التعلم ذاتها.

ووفقاً لتلك الدراسات؛ فقد أظهرت النتائج أن العائق الكبير الذي واجه ولي الأمر -المعلم- هو توفر مجموعة من السمات اللازمة له للنجاح في بيئة التعلم عبر الإنترنت التي تتطلب تدريبًا للتحقق من أن أولياء الأمور لديهم المهارات اللازمة للمشاركة في تعليم أبنائهم عبر الأجهزة والمواد الرقمية الجديدة، كما أن بعض أولياء الأمور وجدوا صعوبة في جدولة وقتهم الزمني؛ حيث ارتبطت التزاماتهم بمجموعة من المهام والتي كانت جزءا من مهام المعلم في نظام التعليم المُباشر، وهذا يعني -من جانبهم- تخصيص وقت أكبر عن المعتاد لمتابعة تعليم الأبناء، وإذا ما غض الطرف عن عوائق علمية كالتعامل مع محتوى المنصات التعليمية، وزيادة مستوى التحصيل الدراسي؛ فإنَّ مما لا ينبغي إغفاله كذلك هو وجود بعض الصعوبات في مستوى القراءة والكتابة والقدرات المعرفية الأخرى لدى الأبناء، وهذا يلزم معه إدراك المطالب المُلقاة على عاتق الأسرة والأبناء بما في ذلك الحاجة إلى التواصل المتواتر مع المدرسة والمعلمين.

ولعلَّ من المهم الإشارة إلى أن بعض التقارير تتنبأ أنه بنهاية العام ٢٠٢٠م سيسجل أكثر من نصف الطلاب من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر في شكل من أشكال التعلم المدمج أو التعلم الكامل عبر الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها؛ مما يدل على أن تجربة التعليم الإلكتروني من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر ستصبح بمثابة القاعدة لجميع الطلاب، بما في ذلك ذوي صعوبات التعلم والاحتياجات الخاصة. ومن اللافت للنظر أن تلك التقارير تشير إلى أنَّ مسألة الالتحاق بالتعليم الإلكتروني أو بالفصول الدراسية الافتراضية هي قرارات يتخذها أولياء الأمور. وهذا يُظهر أن كلا من الآباء والمُعلمين يتشاركون في صنع القرار المتعلق بنظام تعلم الطلاب.

وعلى الرغم من وجود نوع من التوجس لدى بعض أولياء الأمور مُتعلق بجودة التعليم وتوفير البيئة المنزلية المناسبة للتعلم، فقد بينت الدراسات أن حرص الوالدين كليهما على نجاح تعلم أبنائهما يتجاوز هذه المخاوف، حيث إن تغيّر دور أولياء الأمور المعتاد من متابعة إلى مشاركة وتفاعل منتظمين في عملية التعليم أوجد سمات فارقة؛ فقد أصبح أولياء الأمور أكثر فاعلية في إدراك توقعات أبنائهم وفهم شخصياتهم، وأكثر مهارة في تنظيم أوقات الدراسة معهم، إضافة إلى تسهيل التعليم لدى أبنائهم، ومحاولة إيجاد السبل المناسبة للوصول إلى مستوى الفهم المنشود. ومع التواصل المنتظم مع المعلمين ومع المدرسة عولجت العوائق التي يواجهها أولياء الأمور، كما أصبح الأبناء بمرور الوقت أكثر استقلالية في التعلم الذاتي.

وتأسيساً على ما سبق؛ فإنَّ على أولياء الأمور في المرحلة التالية إعادة النظر في نظام التعليم بوتيرته المعتادة، حيث يقترب أولياء الأمور من تغيير الروتين، والتخطيط لليوم التعليمي، وتنفيذ التدخلات التي يقترحها المعلمون لتنظيم عملية التعليم وحل المشكلات، وتعديل الأنشطة لتتوافق مع احتياجات أبنائهم، ومستوياتهم العلمية؛ إذ يشكل التعليم الإلكتروني في طبيعته وأصل استخدامه، بيئة تعليمية مرنة وأكثر تخصيصًا، لم تكن في بعض الأحيان متاحة للطلاب.

تعليق عبر الفيس بوك