الشيخ صباح الأحمد الصباح.. رجل العطاء المتواصل والتخطيط الواعي والفكر المستنير

مسقط- العمانية

يعد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي توفي عن عمر ناهز 91 عاما أمير دولة الكويت الخامس عشر والابن الرابع من الأبناء الذكور للشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت العاشر، وقد تمّت مُبايعة سموه بالإجماع أميرًا لدولة الكويت في 29 يناير من عام 2006.

ومنذ توليه أول مسؤولية في عام 1954 في عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عبدالله السالم الصباح كعضو في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها تنظيم مصالح الحكومة والدوائر الرسمية ووضع خطط عملها ومتابعة التخطيط فيها، ثم تعيينه رئيساً لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل عام 1955، تقلد سموه العديد من المسؤوليات المهمة.

وبعد استقلال دولة الكويت في 19 يونيو عام 1961 تم تشكيل الحكومة وحولت الدوائر إلى وزارات وعين فيها وزيرًا للإرشاد والأنباء عام 1962، كما كان عضواً في المجلس التأسيسي الذي كلف بوضع الدستور. وابتداء من 28 يناير 1963 تم تعيينه وزيرًا للخارجية ، واستمر يتقلد هذا المنصب في جميع الوزارات التي شكلت منذ عهد الاستقلال وحتى 20 أبريل 1991، وهو أول من رفع علم الكويت فوق مبنى هيئة الأمم المتحدة بعد قبولها انضمام الكويت في 11 مايو1963، وبذل طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهدًا كبيرًا في تعزيز وتنمية وترسيخ علاقات بلاده الخارجية مع كافة دول العالم، كما قام بالعديد من الوساطات التي أسهمت في حل العديد من أزمات المنطقة. وعين وزيرًا للإعلام بالوكالة في الفترة من 2 فبراير 1971 وحتى 3 فبراير 1975 إضافة إلى منصبه كوزير للخارجية، وعين نائبا لرئيس مجلس الوزراء بتاريخ 16 فبراير 1978 إضافة إلى منصب وزير الخارجية، ووزير الإعلام بالوكالة بالإضافة إلى منصبه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للخارجية في الفترة من 4 مارس 1981 وحتى 9 فبراير 1982.

وبعد ذلك التاريخ عين وزيرًا للإعلام بالإضافة لكونه وزيرًا للخارجية، وفي الفترة من 16 فبراير 1978 وحتى 18 مارس 1978عين وزيراً للداخلية بالوكالة، وفي 16 فبراير1978 تم تعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للخارجية واستمر في هذا المنصب حتى 20 ابريل1991، وفي 20 أبريل 1991 خرج سموه- رحمه الله- للمرة الأولى من الوزارة منذ استقلال الكويت، إلا إنه عاد بتاريخ 18 أكتوبر 1992 إلى الوزارة مرة أخرى حيث عين نائبًا أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية، وظل في هذه المناصب حتى عام 2003.

وصدر بتاريخ 13 /7/ 2003 مرسوم أميري بتعيينه رئيسًا لمجلس الوزراء، ليسجل نجاحًا جديدًا في قيادة دفة السياسة الداخلية لبلاده، كما نجح على مدى 40 عامًا في قيادة سياستها الخارجية، وبعد توليه مقاليد الحكم في عام 2006 أميرًا للكويت لم يتوان الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رحمه الله في خدمة وطنه وأمته والإنسانية بشكل عام، فحققت الكويت في عهده قفزات تنموية واقتصادية في مختلف المجالات، وأسهمت وساطاته في حل العديد من أزمات المنطقة.

ومنذ ذلك التاريخ حرص سموه وهو رجل العطاء المتواصل، والتخطيط الواعي، والفكر المستنير على تنفيذ رؤية تنموية شاملة وناجحة للكويت عززت مكانتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي المجالات الأخرى، وحقق للكويت وأبنائها الرفعة والرفاهية والعدالة الاجتماعية، واستطاع بفضل سياسته الحكيمة التي مثلت صوت العقل والحكمة والاتزان أن يقيم علاقات متينة مع الدول الشقيقة والصديقة. كما عزز دور الكويت المميز في مسيرة مجلس التعاون الخليجي وتطوير علاقات الأخوة والترابط بين شعوب دوله، ودعم جهود المجتمع الدولي نحو إقرار السلم والأمن الدوليين والالتزام بالشرعية الدولية والتعاون الإقليمي والدولي، وتكريما لجهوده ومبادراته الإنسانية المشهود بها، والتي كانت لها أصداء عالمية، قامت الأمم المتحدة بتسمية سموه (قائدًا للعمل الإنساني) ودولة الكويت (مركزًا للعمل الإنساني) في سبتمبر عام 2014، كما ان هذا التكريم يجسد التقدير الكبير من قبل المجتمع الدولي للدور الريادي للكويت في مجال العمل الإنساني ولسعيها المحمود والمتواصل لإغاثة المنكوبين والتخفيف من معاناتهم جراء الصراعات والحروب والكوارث الطبيعية في شتى بقاع العالم دون تفرقة أو تمييز.

ومنذ توليه مقاليد الحكم في دولة الكويت الشقيقة، وقبل ذلك قيادته الفذة طوال أربعة عقود لسياستها الخارجية سعى سموه- رحمه الله- إلى انتهاج سياسة خارجية معتدلة ومتوازنة آخذا بالانفتاح والتواصل طريقا وبالإيمان بالصداقة والسلام مبدأ، وبالتنمية البشرية والرخاء الاقتصادي لشعب بلاده هدفا في إطار من التعاون مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية ودعم جهودها وتطلعاتها نحو أمن واستقرار العالم ورفاه ورقي الشعوب كافة.

وعمل سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح- رحمه الله- طوال السنوات الماضية جاهدًا لجعل الكويت منارة اقتصادية بارزة ومنبعًا للديمقراطية؛ حيث أقر رؤية الكويت 2035 التي تهدف إلى تحويل دولة الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي وعالمي جاذب للاستثمار يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي ويحقق التنمية البشرية ويزكي روح المنافسة ورفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز مؤسسي داعم، يعمل على ترسيخ القيم الوطنية والحفاظ على الهوية الاجتماعية والتنمية البشرية ويوفر البنية الأساسية الملائمة لبيئة أعمال مشجعة ومتطورة انطلاقًا من رؤية سموه وتنفيذا لمرئياته في هذا الخصوص.

كما أولى سموه اهتماماًت كبيرًا بالوحدة الوطنية، ونبذه للتعصب والخلافات، وحرص على التأكيد على تكاتف وتعاون أهل الكويت فيما بينهم ونبذ الخلافات والمشاكل والسعي نحو العمل الجاد لبناء كويت الغد تحت ظل المحبة والتسامح. وستبقى ذكرى سموه خالدة في قلوب شعب الكويت وشعوب المنطقة والعالم أجمع كرجل سلام ومحب للخير، وقائد في مقدمة قادة العمل الإنساني وصاحب عطاء بلا حدود وأيادٍ بيضاء امتدت الى الانسانية جمعاء.

تعليق عبر الفيس بوك